يا زكريا على إرادة القول أي قيل له أو قال الله تعالى يا
زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لكن لا بأن يخاطبه سبحانه وتعالى بذلك بالذات بل بواسطة الملك كما يدل عليه آية أخرى على أن يحكي عليه السلام العبارة عنه عز وجل على نهج قوله تعالى :
قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم الآية وهذا جواب لندائه عليه السلام ووعد بإجابة دعائه كما يفهمه التعبير بالبشارة دون الإعطاء أو نحوه وما في الوعد من التراخي لا ينافي التعقيب في قوله تعالى :
فاستجبنا له الآية لأنه تعقيب عرفي كما في تزوج فولد له ولأن المراد بالاستجابة الوعد أيضا لأن وعد الكريم نقد ، والمشهور أن هذا القول كان إثر الدعاء ولم يكن بين البشارة والولادة إلا أشهر ، وقيل : إنه رزق الولد بعد أربعين سنة من دعائه ، وقيل : بعد ستين . والغلام الولد الذكر ، وقد يقال للأنثى : غلامة كما قال :
تهان لها الغلامة والغلام
وفي تعيين اسمه عليه السلام تأكيد للوعد وتشريف له عليه السلام ، وفي تخصيصه به حسبما يعرف عنه قوله تعالى :
لم نجعل له من قبل سميا أي شريكا له في الاسم حيث لم يسم أحد قبله بيحيى على ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي وابن أسلم مزيد تشريف وتفخيم له عليه السلام ، وهذا كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري شاهد على أن الأسماء النادرة التي لا يكاد الناس يستعملونها جديرة بالأثرة وإياها كانت العرب تنحى في التسمية لكونها أنبه وأنوه وأنزه عن النبز حتى قال القائل في مدح قوم :
شنع الأسامي مسبلي أزر حمر تمس الأرض بالهدب
وقيل
للصلت بن عطاء : كيف تقدمت عند
البرامكة وعندهم من هو آدب منك؟ فقال : كنت غريب الدار غريب الاسم خفيف الجرم شحيحا بالأشلاء، فذكر مما قدمه كونه غريب الاسم وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في الزهد
nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أن (سميا) بمعنى شبيها، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير مثله أي لم نجعل له شبيها حيث أنه لم يعص ولم يهم بمعصية ، فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والحكيم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في نوادر الأصول والحاكم
nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=76687ما من أحد من ولد آدم إلا وقد أخطأ أو هم بخطيئة إلا يحيى بن زكريا عليهما السلام لم يهم بخطيئة ولم يعملها )
والأخبار في ذلك متظافرة ، وقيل : لم يكن له شبيه لذلك ولأنه ولد بين شيخ فان وعجوز عاقر .
وقيل لأنه كان كما وصف الله تعالى مصدقا بكلمة من الله وسيدا وحصورا ونبيا من الصالحين فيكون هذا إجمالا لذلك، وإنما قيل للشبيه سمي لأن المتشابهين يتشاركان في الاسم ، ومن هذا الإطلاق قوله تعالى :
هل تعلم له سميا [ ص: 66 ] لأنه الذي يقتضيه التفريع ، والأظهر أنه اسم أعجمي لأنه لم تكن عادتهم التسمية بالألفاظ العربية فيكون منعه الصرف على القول المشهور في مثله للعلمية والعجمة ، وقيل أنه عربي ولتلك العادة مدخل في غرابته وعلى هذا فهو منقول من الفعل كيعمر ويعيش وقد سموا
بيموت وهو
يموت بن المزرع بن أخت الجاحظ، ووجه تسميته بذلك على القول بعربيته قيل الإشارة بأنه يعمر ، وهذا في معنى التفاؤل بطول حياته ، وكان في ذلك إشارة إلى أنه عليه السلام يرث حسبما سأل
زكريا عليه السلام ، وقيل : سمي بذلك لأنه حي به رحم أمه ، وقيل لأنه حي بين شيخ فان وعجوز عاقر ، وقيل لأنه يحيا بالحكمة والعفة ، وقيل لأنه يحيا بإرشاد الخلق وهدايتهم ، وقيل لأنه يستشهد والشهداء أحياء ، وقيل غير ذلك ، ثم لا يخفى أنه على العربية والعجمة يختلف الوزن والتصغير كما بين في محله .