(واذكر) عطف على (أنذرهم) عند
أبي السعود ، وقيل : على اذكر السابق ، ولعله الظاهر
في الكتاب أي : هذه السورة أو في القرآن
(إبراهيم) أي اتل على الناس قصته كقوله تعالى :
واتل عليهم نبأ إبراهيم وإلا فذاكر ذلك في الكتاب هو الله تعالى كما في الكشاف ، وفيه أنه عليه الصلاة السلام لكونه الناطق عنه تعالى ومبلغ أوامره ونواهيه وأعظم مظاهره سبحانه ومجاليه كأنه الذاكر في الكتاب ما ذكره ربه جل وعلا ومناسبة هذه الآية لما قبلها اشتمالها على تضليل من نسب الألوهية إلى الجماد اشتمال ما قبلها على ما أشار إلى تضليل من نسبها إلى الحي والفريقان وإن اشتركا في الضلال إلا أن الفريق الثاني أضل .
ويقال على القول الأول في العطف إن المراد أنذرهم ذلك واذكر لهم قصة
إبراهيم عليه السلام فإنهم ينتمون إليه صلى الله عليه وسلم فعساهم باستماع قصته يقلعون عما هم فيه من القبائح
إنه كان صديقا أي : ملازم الصدق لم يكذب قط (نبيا) استنبأه الله تعالى وهو خبر آخر لكان مقيد للأول مخصص له أي: كان جامعا بين الوصفين .
ولعل هذا الترتيب للمبالغة في الاحتراز عن توهم تخصيص الصديقية بالنبوة فإن كل نبي صديق ، وقيل : الصديق من صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله ، وفي الكشاف: الصديق من أبنية المبالغة والمراد فرط
[ ص: 96 ] صدقه وكثرة ما صدق به من غيوب الله تعالى وآياته وكتبه ورسله، وكان الرجحان والغلبة في هذا التصديق للكتب والرسل أي كان مصدقا بجميع الأنبياء وكتبهم وكان نبيا في نفسه كقوله تعالى :
بل جاء بالحق وصدق المرسلين أو كان بليغا في الصدق لأن ملاك أمر النبوة الصدق، ومصدق الله تعالى بآياته ومعجزاته حري أن يكون كذلك انتهى .
وفيه إشارة إلى أن المبالغة تحتمل أن تكون باعتبار الكم وأن تكون باعتبار الكيف، ولك أن تريد الأمرين لكون المقام مقام المدح والمبالغة ، وقد ألم بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب ، وأما أن التكثير باعتبار المفعول كما في قطعت الحبال فقد عده في الكشف من الأغلاط فتأمل ، واستظهر أنه من الصدق لا من التصديق ، وأيد بأنه قرئ ( أنه كان صادقا ) وبأنه قلما يوجد فعيل من مفعل والكثير من فاعل ، وفسر بعضهم النبي هنا برفيع القدر عند الله تعالى وعند الناس .
والجملة استئناف مسوق لتعليل موجب الأمر، فإن وصفه عليه السلام بذلك من دواعي ذكره وهي على ما قيل اعتراض بين المبدل منه وهو
إبراهيم، والبدل وهو إذ في قوله تعالى