كلا ردع وزجر عن التفوه بتلك العظيمة ، وفي ذلك تنبيه
[ ص: 131 ] على خطئه . وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل nindex.php?page=showalam&ids=16076وسيبويه nindex.php?page=showalam&ids=13673والأخفش nindex.php?page=showalam&ids=15153والمبرد وعامة البصريين في هذا الحرف، وفيه مذاهب لعلنا نشير إليها إن شاء الله تعالى ، وهذا أول موضع وقع فيه من القرآن ، وقد تكرر في النصف الأخير فوقع في ثلاثة وثلاثين موضعا ولم يجوز
أبو العباس الوقف عليه في موضع .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : هو على أربعة أقسام ، أحدها ما يحسن الوقف عليه ويحسن الابتداء به. والثاني: ما يحسن الوقف عليه ولا يحسن الابتداء به ، والثالث ما يحسن الابتداء به ولا يحسن الوقف عليه ، والرابع ما لا يحسن فيه شيء من الأمرين ، أما القسم الأول ففي عشرة مواضع ما نحن فيه وقوله تعالى :
ليكونوا لهم عزا كلا وقوله سبحانه
لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا وقوله عز وجل
الذين ألحقتم به شركاء كلا وقوله تبارك وتعالى
أن يدخل جنة نعيم كلا وقوله جل وعلا
أن أزيد كلا وقوله عز اسمه
صحفا منشرة كلا وقوله سبحانه وتعالى
ربي أهانن كلا وقوله تبارك اسمه
أن ماله أخلده كلا وقوله تعالى شأنه
ثم ينجيه كلا فمن جعله في هذه المواضع ردا لما قبله وقف عليه ومن جعله بمعنى ألا التي للتنبيه أو بمعنى حقا ابتدأ به وهو يحتمل ذلك فيها ، وأما القسم الثاني ففي موضعين: قوله جل جلاله حكاية
فأخاف أن يقتلون قال كلا وقوله عز شأنه
إنا لمدركون قال كلا ، وأما الثالث ففي تسعة عشر موضعا: قوله تعالى شأنه :
كلا إنها تذكرة ،
كلا والقمر ،
كلا بل تكذبون بالدين ،
كلا إذا بلغت التراقي ،
كلا لا وزر ،
كلا بل تحبون العاجلة ،
كلا سيعلمون ،
كلا لما يقض ما أمره ،
كلا بل ران على قلوبهم ،
كلا بل لا تكرمون اليتيم ،
كلا إن كتاب الفجار ،
كلا إن كتاب الأبرار ،
كلا إنهم عن ربهم ،
كلا إذا دكت الأرض ،
كلا إن الإنسان ليطغى ،
كلا لئن لم ينته ،
كلا لا تطعه ،
كلا سوف تعلمون ،
كلا لو تعلمون لأنه ليس للرد في ذلك ، وأما القسم الرابع ففي موضعين
ثم كلا سوف تعلمون ،
ثم كلا سيعلمون فإنه لا يحسن الوقف على ثم لأنه حرف عطف، ولا على كلا لأن الفائدة فيما بعد ، وقال بعضهم : إنه يحسن الوقف على كلا في جميع القرآن لأنه بمعنى انته إلى في موضع واحد وهو قوله تعالى
كلا والقمر لأنه موصول باليمين بمنزلة قولك أي وربي
سنكتب ما يقول أي سنظهر أنا كتبنا قوله كقوله :
إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة ولم تجدي من أن تقري به بدا
أي إذا انتسبنا علمت وتبين أني لست بابن لئيمة أو سننتقم منه انتقام من كتب جريمة الجاني وحفظها عليه فإن نفس كتبة ذلك لا تكاد تتأخر عن القول لقوله تعالى:
ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وقوله سبحانه جل وعلا
ورسلنا لديهم يكتبون فمبنى الأول تنزيل إظهار الشيء الخفي منزلة إحداث الأمر المعدوم بجامع أن كلا منهما إخراج من الكمون إلى البروز فيكون استعارة تبعية مبنية على تشبيه إظهار الكتابة على رءوس الأشهاد بأحداثها، ومدار الثاني تسمية الشيء باسم سببه فإن كتبة جريمة المجرم سبب لعقوبته قطعا قاله
أبو السعود ، وقيل : إن الكتابة في المعنى الثاني استعارة للوعيد بالانتقام وفيه خفاء ، وقال بعضهم : لا مجاز في الآية بيد أن السين للتأكيد ، والمراد نكتب في الحال ورد بأن السين إذا أكدت فإنما تؤكد الوعد أو الوعيد وتفيد أنه كائن لا محالة في المستقبل . وأما إنها تؤكد ما يراد به الحال فلا كذا قيل : فليراجع .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ( سيكتب ) بالياء التحتية والبناء للمفعول وذكرت عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ونمد له من العذاب مدا مكان ما يدعيه لنفسه من الإمداد بالمال والولد أي نطول له من العذاب ما يستحقه أو نزيد عذابه ونضاعفه
[ ص: 132 ] له من المدد يقال : مده وأمده بمعنى ، وتدل عليه قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه ( ونمد ) بالضم وهو بهذا المعنى يجوز أن يستعمل باللام وبدونها ومعناه على الأول نفعل المد له ، وهو أبلغ من نمده وأكد بالمصدر إيذانا بفرط غضب الله تعالى عليه لكفره وافترائه على الله سبحانه واستهزائه بآياته العظام نعوذ بالله عز وجل مما يستوجب الغضب .