إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا أي : مودة في القلوب لإيمانهم وعملهم الصالح ، والمشهور أن ذلك الجعل في الدنيا .
فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد وغيرهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=665455إذا أحب الله تعالى عبدا نادى جبريل إني قد أحببت فلانا فأحبه فينادي في السماء ثم تنزل له المحبة في الأرض فذلك قول الله تعالى إن الذين آمنوا الآية )
والتعرض لعنوان الرحمانية لما أن الموعود من آثارها ، والسين لأن السورة مكية وكانوا ممقوتين حينئذ بين الكفرة فوعدهم سبحانه ذلك ، ثم نجزه حين كثر الإسلام وقوي بعد الهجرة ، وذكر أن الآية نزلت في المهاجرين إلى الحبشة مع
جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وعد سبحانه أن يجعل لهم محبة في قلب
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف أنه لما هاجر إلى المدينة وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة منهم
شيبة بن ربيعة وعقبة بن ربيعة وأمية بن خلف، فأنزل الله تعالى هذه الآية وعلى هذا تكون الآية مدنية ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=16138والديلمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء قال : (
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي كرم الله تعالى وجهه : قل اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي في صدور المؤمنين (ودا) فأنزل الله سبحانه هذه الآية ، وكان
محمد ابن الحنفية رضي الله تعالى عنه يقول : لا تجد مؤمنا إلا وهو يحب عليا كرم الله تعالى وجهه وأهل بيته .
وروى الإمامية خبر نزولها في
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
والباقر ، وأيدوا ذلك بما صح عندهم
nindex.php?page=hadith&LINKID=706144أنه كرم الله تعالى وجهه قال : لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ولو صببت الدنيا بجملتها على المنافق على أن يحبني ما أحبني، وذلك أنه قضى فانقضى على لسان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال ( لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق )
والمراد المحبة الشرعية التي لا غلو فيه ، وزعم بعض النصارى حبه كرم الله تعالى وجهه ، فقد أنشد
الإمام اللغوي رضي الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن يوسف الأنصاري الشاطبي لابن إسحاق النصراني الرسعني :
عدي وتيم لا أحاول ذكرهم بسوء ولكني محب) لهاشم وما تعتريني في علي ورهطه
إذا ذكروا في الله لومة لائم يقولون ما بال النصارى تحبهم
وأهل النهى من أعرب وأعاجم فقلت لهم إني لأحسب حبهم
سرى في قلوب الخلق حتى البهائم
وأنت تعلم أنه إذا صح الحديث ثبت كذبه ، وأظن أن نسبة هذه الأبيات للنصراني لا أصل لها وهي من أبيات
الشيعة بيت الكذب ، وكم لهم مثل هذه المكائد كما بين في التحفة الاثني عشرية ، والظاهر أن الآية على هذا مدينة أيضا . ثم العبرة على سائر الروايات في سبب النزول بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13980الجبائي إلى أن ذلك في الآخرة فقيل في الجنة إذ يكونون إخوانا على سرر متقابلين ، وقيل :
[ ص: 144 ] حين تعرض حسناتهم على رؤس الأشهاد وأمر السين على ذلك ظاهر . ولعل أفراد هذا الوعد من بين ما سيولون يوم القيامة من الكرامات السنية لما أن الكفرة سيقع بينهم يومئذ تباغض وتضاد وتقاطع وتلاعن ، وذكر في وجه الربط أنه لما فصلت قبائح أحوال الكفرة عقب ذلك بذكر محاسن أحوال المؤمنين ، وقد يقال فيه بناء على أن ذلك في الآخرة : إنه جل شأنه لما أخبر بإتيان كل من أهل السماوات والأرض إليه سبحانه يوم القيامة فردا آنس المؤمنين بأنه جل وعلا يجعل لهم ذلك اليوم ودا ، وفسره
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية على هذا الوجه بمحبته تعالى إياهم وأراد منها إكرامه تعالى إياهم ومغفرته سبحانه وتعالى ذنوبهم ، وجوز أن يكون الوعد بجعل الود في الدنيا والآخرة ولا أراه بعيدا عن الصواب . ولا يأبى هذا ولا ما قبله التعرض لعنوان الرحمانية لجواز أن يدعى العموم فقد جاء يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما .
وقرأ
أبو الحارث الحنفي ( ودا ) بفتح الواو . وقرأ
جناح بن حبيش ( ودا ) بكسرها وكل ذلك لغة فيه وكذا في الوداد