اذهب إلى فرعون تخلص إلى ما هو المقصد من تمهيد المقدمات السالفة فصل عما قبله من الأوامر إيذانا بأصالته أي اذهب إليه بما رأيته من آياتنا الكبرى، وادعه إلى عبادتي وحذره نقمتي .
وقوله تعالى
إنه طغى تعليل للأمر أو لوجوب المأمور به أي جاوز الحد في التكبر والعتو والتجبر حتى تجاسر على العظيمة التي هي دعوى الربوبية ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه : إن الله تعالى قال
لموسى عليه السلام : ادن فلم يزل يدنيه حتى شد ظهره بجذع الشجرة فاستقر وذهبت عنه الرعدة وجمع يده في العصا وخضع برأسه وعنقه ثم قال له بعد أن عرفه نعمته تعالى عليه : انطلق برسالتي فإنك بعيني وسمعي وإن معك أيدي ونصري وإني قد ألبستك جنة من سلطاني تستكمل بها القوة في أمري، فأنت جند عظيم من جنودي بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي بطر نعمتي وأمن مكري وغرته الدنيا حتى جحد حقي وأنكر ربوبيتي وعبد من دوني وزعم أنه لا يعرفني وإني لأقسم بعزتي لولا العذر والحجة اللذان وضعت بيني وبين خلقي لبطشت به بطشة جبار يغضب لغضبه السماوات والأرض والجبال والبحار فإن أمرت السماء حصبته وإن أمرت الأرض ابتلعته وإن أمرت البحار غرقته، وإن أمرت الجبال دمرته، ولكنه هان علي وسقط من عيني ووسعه حلمي واستغنيت بما عندي وحق لي أني أنا الغني لا غني غيري فبلغه رسالتي، وادعه إلى عبادتي وتوحيدي وإخلاص اسمي، وذكره بأيامي وحذره نقمتي وبأسي، وأخبره أنه لا يقوم شيء لغضبي، وقل له فيما بين ذلك قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى، وأخبره أني إلى العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب والعقوبة، ولا يروعنك ما ألبسته من لباس الدنيا ؛ فإن ناصيته بيدي ليس يطرف ولا ينطق ولا يتنفس إلا بإذني ، وقل له : أجب ربك ، فإنه واسع المغفرة، فإنه قد أمهلك أربعمائة سنة ، في كلها أنت مبارزه بالمحاربة ، تتشبه وتتمثل به ، وتصد عباده عن سبيله، وهو يمطر عليك السماء ، وينبت لك الأرض ، لم تسقم، ولم تهرم، ولم تفتقر، ولم تغلب ، ولو شاء أن يجعل لك ذلك بك فعل ، ولكنه ذو أناة وحلم عظيم . في كلام طويل .
وفي بعض الروايات أن الله تعالى لما أمره عليه السلام بالذهاب إلى
فرعون سكت سبعة أيام ، وقيل أكثر فجاءه ملك فقال : أنفذ ما أمرك ربك ، وفي القلب من صحة ذلك شيء