وقوله سبحانه
واصطنعتك لنفسي تذكير لقوله تعالى
وأنا اخترتك وتمهيد لإرساله عليه السلام إلى
فرعون مؤيدا بأخيه حسبما استدعاه بعد تذكير المنن السابقة تأكيدا لوثوقه عليه السلام بحصول نظائرها اللاحقة ، ونظم ذلك الإمام في سلك المنن المحكية وظاهر توسيط النداء يؤيد ما تقدم ، والاصطناع افتعال من الصنع بمعنى الصنيعة وهي الإحسان فمعنى اصطنعه جعله محل صنيعته وإحسانه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15022القفال : يقال اصطنع فلان فلانا إذا أحسن إليه حتى يضاف إليه فيقال : هذا صنيع فلان وخريجه ، ومعنى (لنفسي) ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لوحيي ورسالتي ، وقيل : لمحبتي ، وعبر عنها بالنفس لأنها أخص شيء بها ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : المراد اخترتك لإقامة حجتي وجعلتك بيني وبين خلقي حتى صرت في التبليغ عني بالمنزلة التي أكون أنا بها لو خاطبتهم واحتجبت عليهم ، وقال غير واحد من المحققين : هذا تمثيل لما خوله عز وجل من جعله نبيا مكرما كليما منعما عليه بحلائل النعم بتقريب الملك من يراه أهلا لأن يقرب فيصطنعه بالكرامة والأثرة ويجعله من خواص نفسه وندمائه . ولا يخفى حسن هذه الاستعارة وهي أوفق بكلامه تعالى، وقوله تعالى
لنفسي عليها ظاهر . وحاصل المعنى جعلتك من خواصي واصطفيتك برسالتي وبكلامي ، وفي العدول عن نون العظمة الواقعة في قوله سبحانه
وفتناك ونظيريه السابقين تمهيد لإفراد النفس اللائق بالمقام فإنه أدخل في تحقيق معنى الاصطناع والاستخلاص ،