إنا قد أوحي إلينا من جهة ربنا
أن العذاب الدنيوي والأخروي
على من كذب بآياته
[ ص: 199 ] عز وجل
وتولى أي : أعرض عن قبولها ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أي وسلام الملائكة الذين هم خزنة الجنة على المهتدين وتوبيخ خزنة النار والعذاب على المكذبين . وتحقيقه على ما قيل إنه جعل السلام تحية خزنة الجنة للمهتدين المتضمنة لوعدهم بالجنة . وفيه تعريض لغيرهم بتوبيخ خزنة النار المتضمن لوعيدهم بعذابها لأن المقام للترغيب فيما هو حسن العاقبة وهو تصديق الرسل عليهم السلام والتنفير عن خلافه فلو جعل السلام بمعنى السلامة لم يفد أن ذلك في العاقبة .
فما قيل : إنه لا إشعار في اللفظ بهذا التخصيص غير مسلم ، والقول بأنه ليس بتحية حيث لم يكن في ابتداء اللقاء يرده أنه لم يجعل تحية الأخوين عليهما السلام بل تحية الملائكة عليهم السلام، وأنت تعلم أن هذا التفسير خلاف الظاهر جدا وإنكار ذلك مكابرة .
وفي البحر هو تفسير غريب وأنه إذا أريد من العذاب العذاب في الدارين ، ومن السلام السلامة من ذلك العذاب حصل الترغيب في التصديق والتنفير عن خلافه على أتم وجه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان : الظاهر أن قوله تعالى
والسلام إلخ فصل للكلام
والسلام فيه بمعنى التحية ، وجاء ذلك على ما هو العادة من التسليم عند الفراغ من القول إلا أنهما عليهما السلام رغبا بذلك عن
فرعون وخصا به متبعي الهدى ترغيبا له بالانتظام في سلكهم ، واستدل به على منع السلام على الكفار وإذا احتيج إليه في خطاب أو كتاب جيء بهذه الصيغة .
وفي الصحيحين (
nindex.php?page=hadith&LINKID=676393أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى )
، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق في المصنف .
nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الشعب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة قال : التسليم على أهل الكتاب إذا دخلت عليهم بيوتهم أن تقول : السلام على من اتبع الهدى ، ولا يخفى أن الاستظهار المذكور غير بعيد لو كان كلامهما عليهما السلام قد انقطع بهذا السلام لكنه لم ينقطع به بل قالا بعده
إنا قد أوحي إلينا إلخ ، وكأن هذه الجملة على جميع التفاسير استئناف للتعليل ، وقد يستدل به على صحة القول بالمفهوم فتأمل ، والظاهر أن كلتا الجملتين من جملة المقول الملقن .
وزعم بعضهم أن المقول الملقن قد تم عند قوله تعالى
قد جئناك بآية من ربك وما بعد كلام من قبلهما عليهما السلام أتيا به للوعد والوعيد . واستدل المرجئة بقوله سبحانه
إنا قد أوحي إلخ على أن غير الكفرة لا يعذبون أصلا . وأجيب بأنه إنما يتم إذا كان تعريف العذاب للجنس أو الاستغراق ، أما إذا كان للعهد أي العذاب الناشئ عن شدة الغضب أو الدائم مثلا فلا ، وكذا إذا أريد الجنس أو الاستغراق الادعائي مبالغة وجعل العذاب المتناهي الذي يعقبه السلامة الغير المتناهية كلا عذاب لم يلزم أن لا يعذب المؤمن المقصر في العمل أصلا .