ولقد عهدنا إلى آدم كأنه لما مدح سبحانه القرآن ، وحرض على استعمال التؤدة والرفق في أخذه وعهد على العزيمة بأمره وترك النسيان فيه ضرب حديث
آدم مثلا للنسيان وترك العزيمة .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية أن في ذلك مزيد تحذير للنبي صلى الله عليه وسلم عن العجلة وعدم التؤدة لئلا يقع فيما لا ينبغي كما وقع
آدم عليه السلام ، فالكلام متعلق بقوله تعالى
ولا تعجل بالقرآن إلخ ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : هو عطف على (صرفنا) عطف القصة على القصة ، والتخالف فيه إنشاء وخبرية لا يضر مع أن المقصود بالعطف جواب القسم . وحاصل المعنى عليه صرفنا الوعيد وكررناه لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا لكنهم لم يلتفتوا لذلك ونسوه كما لم يلتفت أبوهم إلى الوعيد ونسي العهد إليه . والفائدة في ذلك الإشارة إلى أن مخالفتهم شنشنة أخزمية وأن أساس أمرهم ذلك وعرقهم راسخ فيه ، وحكي نحو هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري .
وتعقبه
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية بأنه ضعيف لما فيه من الغضاضة من مقام
آدم عليه السلام حيث جعلت قصته مثلا للجاحدين لآيات الله تعالى وهو عليه السلام إنما وقع منه ما وقع بتأويل. انتهى ، والإنصاف يقضي بحسنه فلا تلتفت إلى ما قيل : إن فيه نظرا ، وقال
أبو مسلم : إنه عطف على قوله تعالى
كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وليس بذاك ، نعم فيه مع ما تقدم إنجاز الموعود في تلك الآية ، واستظهر
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية فيه أحد أمرين التعلق بلا تعجل وكونه ابتداء كلام لا تعلق له بما قبله ، وهذا الأخير وإن قدمه في كلامه ناشئ من ضيق العطن كما لا يخفى ، والعهد الوصية يقال عهد إليه الملك ووغر إليه وعزم عليه وتقدم إليه إذا أمره ووصاه ، والمعهود محذوف يدل عليه ما بعده ، واللام واقعة في جواب قسم محذوف أي وأقسم بالله لقد أمرناه ووصيناه
من قبل أي : من قبل هذا الزمان ، وقيل : أي من قبل وجود هؤلاء المخالفين .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: أي من قبل إنزال القرآن ، وقيل : أي من قبل أن يأكل من الشجرة
فنسي العهد ولم يهتم به ولم يشتغل بحفظه حتى غفل عنه ، والعتاب جاء من ترك الاهتمام ، ومثله عليه السلام يعاتب على مثل ذلك ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن أن المراد فترك ما وصى به من الاحتراس عن الشجرة وأكل ثمرتها فالنسيان مجاز عن الترك والفاء للتعقيب وهو عرفي ، وقيل : فصيحة أي لم يهتم به فنسي والمفعول محذوف وهو ما أشرنا إليه ، وقيل : المنسي الوعيد بخروج الجنة إن أكل ، وقيل قوله تعالى :
إن هذا عدو لك ولزوجك وقيل : الاستدلال على أن النهي عن الجنس دون الشخص ، والظاهر ما أشرنا إليه .
وقرأ
اليماني nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش (فنسي) بضم النون وتشديد السين أي نساه الشيطان
ولم نجد له عزما تصميم رأي وثبات قدم في الأمور ، وهذا جاء على القولين في النسيان ، نعم قيل : إنه أنسب بالثاني وأوفق بسياق الآية على ما ذكرنا أولا . وروى جماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة أن المعنى لم نجد له صبرا عن أكل الشجرة ، وعن
[ ص: 270 ] nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد وجماعة أن المعنى لم نجد له عزما على الذنب فإنه عليه السلام أخطأ ولم يتعمد وهو قول من قال : إن النسيان على حقيقته وجاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما يقتضيه ، فقد أخرج
الزبير بن بكار في الموفقيات عنه قال قال لي
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه إن صاحبكم هذا- يعني
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه- إن ولي زهد ولكني أخشى عجب نفسه أن يذهب به . قلت : يا أمير المؤمنين إن صاحبنا من قد علمت والله ما نقول : إنه غير ولا بدل ولا أسخط رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام صحبته فقال ولا في
بنت أبي جهل وهو يريد أن يخطبها على
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة قلت قال الله تعالى في معصية
آدم عليه السلام
ولم نجد له عزما فصاحبنا لم يعزم على إسخاط رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الخواطر التي لا يقدر أحد دفعها عن نفسه وربما كانت من الفقيه في دين الله تعالى العالم بأمر الله سبحانه فإذا نبه عليها رجع وأناب فقال : يا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من ظن أنه يرد بحوركم فيغوص فيها معكم حتى يبلغ قعرها فقد ظن عجزا ، لكن لا يخفى عليك أن هذا التفسير غير متبادر ولا كثير المناسبة للمقام، وحاصل لم نجد إلخ عليه أنه نسي فيتكرر مع ما قبله .
ثم إن (لم نجد) إن كان من الوجود العلمي ، - فله عزما- مفعولاه قدم الثاني على الأول لكونه ظرفا وإن كان من الوجود المقابل للعدم كما اختاره بعضهم- فله- متعلق به قدم على مفعوله لما مر غير مرة أو بمحذوف وقع حالا من مفعوله المنكر ، والمعنى على هذا ولم نصادف له عزما