ولا تمدن عينيك أي لا تطل نظرهما بطريق الرغبة والميل
إلى ما متعنا به من زخارف الدنيا كالبنين والأموال والمنازل والملابس والمطاعم
أزواجا منهم أي أصنافا من الكفرة وهو مفعول متعنا قدم عليه الجار والمجرور للاعتناء به ومن بيانية ، وجوز أن يكون حالا من ضمير به ومن تبعيضية مفعول متعنا أو متعلقة بمحذوف وقع صفة لمفعوله المحذوف أي لا تمدن عينيك إلى الذي متعنا به وهو أصناف وأنواع بعضهم أو بعضا كائنا منهم .
والمراد على ما قيل استمر على ترك ذلك ، وقيل : الخطاب له عليه الصلاة والسلام والمراد أمته لأنه صلى الله عليه وسلم كان أبعد شيء عن إطالة النظر إلى زينة الدنيا وزخارفها وأعلق بما عند الله عز وجل من كل أحد وهو عليه الصلاة والسلام القائل (
nindex.php?page=hadith&LINKID=664614الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما أريد به وجه الله تعالى ) .
وكان صلى الله عليه وسلم شديد النهي عن الاغترار بالدنيا والنظر إلى زخرفها ، والكلام على حذف مضاف أو فيه تجوز في النسبة ، وفي العدول عن لا تنظر إلى ما متعنا به إلخ إلى ما في النظم الكريم إشارة إلى أن النظر الغير الممدود معفو وكان المنهي عنه في الحقيقة هو الإعجاب بذلك والرغبة فيه والميل إليه لكن بعض المتقين بالغوا في غض البصر عن ذلك حتى أنهم لم ينظروا إلى أبنية الظلمة وعدد الفسقة في اللباس والمركوب وغيرهما، وذلك لمغزى بعيد وهو أنهم اتخذوها لعيون النظارة والفخر بها فيكون النظر إليها محصلا لغرضهم وكالمغري لهم على اتخاذها .
زهرة الحياة الدنيا أي : زينتها وبهجتها وهو منصوب بمحذوف يدل عليه متعنا أي جعلنا لهم زهرة أو بمتعنا على أنه مفعول ثان له لتضمينه معنى أعطينا أو على أنه بدل من محل به وضعفه
nindex.php?page=showalam&ids=12671ابن الحاجب في أماليه لأن إبدال منصوب من محل جار ومجرور ضعيف كمررت بزيد أخاك ولأن الإبدال من العائد مختلف فيه . ومثل ذلك ما قيل إنه بدل من ما الموصولة لما فيه من الفصل بالبدل بين الصلة ومعمولها أو على أنه بدل من- أزواجا- بتقدير مضاف أي ذوي أو أهل زهرة ، وقيل : بدون تقدير على كون- أزواجا- حالا بمعنى أصناف التمتعات أو على جعلهم نفس الزهرة مبالغة . وضعف هذا بأن مثله يجري في النعت لا في البدل لمشابهته لبدل الغلط حينئذ أو على
[ ص: 284 ] أنه تمييز لما أو لضمير به ، وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء أو صفة- أزواجا- ورد ذلك لتعريف التمييز وتعريف وصف النكرة ، وقيل : على أنه حال من ضمير به أو من ما وحذف التنوين لالتقاء الساكنين وجر الحياة على البدل من ما واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي ولا يخفى ما فيه ، وقيل : نصب على الذم أي أذم زهرة إلخ واعترض بأن المقام يأباه لأن المراد أن النفوس مجبولة على النظر إليها والرغبة فيها ولا يلائمه تحقيرها، ورد بأن في إضافة الزهرة إلى الحياة الدنيا كل ذم وما ذكر من الرغبة من شهوة النفوس الغبية التي حرمت نور التوفيق .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وأبو حيوة nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة وحميد وسلام nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب وسهل nindex.php?page=showalam&ids=16747وعيسى nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري- ( زهرة ) - بفتح الهاء وهي لغة كالجهرة في الجهرة ، وفي المحتسب
لابن جني مذهب أصحابنا في كل حرف حلق ساكن بعد فتحة أنه لا يحرك إلا على أنه لغة كنهر ونهر وشعر وشعر ومذهب الكوفيين أنه يطرد تحريك الثاني لكونه حرفا حلقيا وإن لم يسمع ما لم يمنع منه مانع كما في لفظ- نحو- لأنه لو حرك قلب الواو ألفا ، وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري كون زهرة بالتحريك جمع زاهر ككافر وكفرة وهو وصف لأزواجا أي أزواجا من الكفرة زاهرين بالحياة الدنيا لصفاء ألوانهم مما يلهون ويتنعمون وتهلل وجوههم وبهاء زيهم بخلاف ما عليه المؤمنون والصلحاء من شحوب الألوان والتقشف في الثياب ، وجوز على هذا كونه حالا لأن إضافته لفظية .
وأنت تعلم أن المتبادر من هذه الصفة قصد الثبوت لا الحدوث فلا تكون إضافتها لفظية على أن المعنى على تقدير الحالية ليس بذاك
لنفتنهم فيه متعلق بمتعنا أي لنعاملهم معاملة من يبتليهم ويختبرهم فيه أو لنعذبهم في الآخرة بسببه وفيه تنفير عن ذلك ببيان سوء عاقبته مآلا أثر بهجته حالا ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم لنفتنهم بضم النون من أفتنه إذا جعل الفتنة واقعة فيه على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان ورزق ربك أي : ما ادخر لك في الآخرة أو ما رزقك في الدنيا من النبوة والهدى ، وادعى صاحب الكشف أنه أنسب بهذا المقام أو ما ادخر لك فيها من فتح البلاد والغنائم ، وقيل : القناعة
خير مما متع به هؤلاء لأنه مع كونه في نفسه من أجل ما يتنافس فيه المتنافسون مأمون الغائلة بخلاف ما متعوا به
وأبقى فإنه نفسه أو أثره لا يكاد ينقطع كالذي متعوا به .