وقوله تعالى :
لا يحزنهم الفزع الأكبر بيان لنجاتهم من الإفزاع بالكلية بعد نجاتهم من النار لأنهم إذا لم يحزنهم أكبر الإفزاع لم يحزنهم ما عداه بالضرورة كذا قيل ، وليلاحظ ذلك مع ما جاء في الأخبار أن النار تزفر في الموقف زفرة لا يبقى نبي ولا ملك إلا جثا على ركبتيه فإن قلنا : إن ذلك لا ينافي عدم الحزن فلا إشكال وإذا قلنا : إنه ينافي فهو مشكل إلا أن يقال : إن ذلك لقلة زمانه وسرعة الأمن مما يترتب عليه نزل منزلة العدم فتأمل ، والفزع كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب انقباض ونفار يعتري الإنسان من الشيء المخيف وهو من جنس الجزع ويطلق على الذهاب بسرعة لما يهول .
واختلف في وقت هذا الفزع فعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج أنه حين انصراف أهل النار إلى النار .
ونقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أنه فسر الفزع الأكبر بنفس هذا الانصراف فيكون الفزع بمعنى الذهاب المتقدم ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك أنه حين وقوع طبق جهنم عليها وغلقها على من فيها ، وجاء ذلك في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقيل حين ينادى أهل النار
اخسئوا فيها ولا تكلمون وقيل حين يذبح الموت بين الجنة والنار ، وقيل يوم تطوى السماء ، وقيل حين النفخة الأخيرة ، وأخرج ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، والظاهر أن المراد بها النفخة للقيام من القبور لرب العالمين ، وقال في قوله تعالى :
وتتلقاهم الملائكة أي تستقبلهم بالرحمة عند قيامهم من قبورهم ، وقيل بالسلام عليهم حينئذ قائلين
هذا يومكم الذي كنتم توعدون في الدنيا مجيئه وتبشرون بما فيه لكم من المثوبات على الإيمان
[ ص: 99 ] والطاعة . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنه قال في الآية : تتلقاهم الملائكة الذين كانوا قرناءهم في الدنيا يوم القيامة فيقولون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة ، وقيل تتلقاهم عند باب الجنة بالهدايا أو بالسلام ، والأظهر أن ذلك عند القيام من القبور وهو كالقرينة على أن عدم الحزن حين النفخة الأخيرة ، وظاهر أكثر الجمل يقتضي عدم دخول الملائكة في الموصول السابق بل قوله تعالى : (وتتلقاهم ) إلخ نص في ذلك فلعل الإسناد في ذلك عند من أدرج الملائكة عليهم السلام في عموم الموصول لسبب النزول على سبيل التغليب أو يقال : إن استثناءهم من العموم السابق لهذه الآية بطريق دلالة النص كما أن دخولهم فيما قبل كان كذلك . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر (لا يحزنهم ) مضارع أحزن وهي لغة
تميم وحزن لغة
قريش .