هذان خصمان اختصموا في ربهم تعيين لطرفي الخصام وتحرير لمحله فالمراد بهذان فريق المؤمنين وفريق الكفرة المنقسم إلى الفرق الخمس . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد وعطاء بن أبي رباح nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم nindex.php?page=showalam&ids=15097والكلبي ما يؤيد ذلك وبه يتعين كون الفصل السابق بين المؤمنين ومجموع من عطف عليهم ، ولما كان كل خصم فريقا يجمع طائفة جاء
اختصموا بصيغة الجمع .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة «اختصما » مراعاة اللفظ
خصمان وهو تثنية خصم وذكروا أنه في الأصل مصدر يستوي فيه الواحد المذكر وغيره ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : وأكثر الاستعمال توحيده فمن ثناه وجمعه حمله على الصفات والأسماء ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي أنه قرأ «خصمان » بكسر الخاء ، ومعنى اختصامهم في ربهم اختصامهم في شأنه عز شأنه ، وقيل في دينه ، وقيل في ذاته وصفاته والكل من شؤونه تعالى واعتقاد كل من الفريقين حقية ما هو عليه وبطلان ما عليه صاحبه وبناء أقواله وأفعاله عليه يكفي في تحقق خصومته للفريق الآخر ولا يتوقف عن التحاور .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : تخاصمت المؤمنون واليهود فقالت اليهود : نحن أولى بالله تعالى وأقدم منكم كتابا ونبيا قبل نبيكم ، وقال المؤمنون : نحن أحق بالله تعالى آمنا
بمحمد صلى الله عليه وسلم وآمنا بنبيكم وبما أنزل الله تعالى من كتاب وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا ثم تركتموه وكفرتم به حسدا فنزلت .
وأخرج جماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة نحو ذلك واعترض بأن الخصام على هذا ليس في الله تعالى بل في أيهما أقرب منه عز شأنه . وأجيب بأنه يستلزم ذلك وهو كما ترى وقيل عليه أيضا : إن تخصيص اليهود خلاف مساق الكلام في هذا المقام . وفي الكشف قالوا : إن هذا لا ينافي ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من أن الآية ترجع إلى أهل الأديان الستة في التحقيق لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني وغيرهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر رضي الله تعالى عنه أنه كان يقسم قسما أن هذه الآية
هذان خصمان إلى قوله تعالى :
إن الله يفعل ما يريد [ ص: 134 ] نزلت في الثلاثة والثلاثة الذين بارزوا يوم بدر هم
حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث وعلي بن أبي طالب وعتبة
وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة ، وأنت تعلم أن هذا الاختصام ليس اختصاما في الله تعالى بل منشؤه ذلك فتأمل ولا تغفل .
وأما ما قيل من أن المراد بهذين الخصمين الجنة والنار فلا ينبغي أن يختلف في عدم قبوله خصمان أو ينتطح فيه كبشان ، وفي الكلام كما قال غير واحد تقسيم وجمع وتفريق فالتقسيم
إن الذين آمنوا - إلى قوله تعالى-
والذين أشركوا والجمع
إن الله يفصل بينهم إلى قوله تعالى :
هذان خصمان اختصموا في ربهم والتفريق في قوله سبحانه :
فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار إلخ أي أعد لهم ذلك ، وكأنه شبه إعداد النار المحيطة بهم بتقطيع ثياب وتفصيلها لهم على قدر جثثهم ففي الكلام استعارة تمثيلية تهكمية وليس هناك تقطيع ولا ثياب حقيقة ، وكأن جمع الثياب للإيذان بتراكم النار المحيطة بهم وكون بعضها فوق بعض .
وجوز أن يكون ذلك لمقابلة الجمع بالجمع والأول أبلغ ، وعبر بالماضي لأن الإعداد قد وقع فليس من التعبير بالماضي لتحققه كما في «نفخ في الصور » .
وأخرج جماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير أن هذه الثياب من نحاس مذاب وليس شيء حمي في النار أشد حرارة منه فليست الثياب من نفس النار بل من شيء يشبهها وتكون هذه الثياب كسوة لهم وما أقبحها كسوة . ولذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب : يكسى أهل النار والعري خير لهم . وقرأ
الزعفراني في اختياره «قطعت » بالتخفيف والتشديد أبلغ .
يصب من فوق رءوسهم الحميم أي الماء الحار الذي انتهت حرارته ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لو سقط من الحميم نقطة على جبال الدنيا لأذابتها ، وفسره
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير بالنحاس المذاب ، والمشهور التفسير السابق ، ولعله إنما جيء بمن ليؤذن بشدة الوقوع والجملة مستأنفة أو خبر ثان للموصول أو في موضع الحال المقدرة من ضمير ( لهم)