فذرهم في غمرتهم خطاب له صلى الله عليه وسلم في شأن قريش الذين تقطعوا في أمر الدين الحق، والغمرة الماء الذي يغمر القامة وأصلها من الستر والمراد بها الجهالة بجامع الغلبة والاستهلاك، وكأنه لما ذكر سبحانه في ضمن ما كان من أمم الأنبياء عليهم السلام توزعهم واقتسامهم ما كان يجب اجتماعه واتفاق الكلمة عليه من الدين وفرحهم بفعلهم الباطل ومعتقدهم العاطل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: فإذ ذاك دعهم في جهلهم هذا الذي لا جهل فوقه تخلية وخذلانا ودلالة على اليأس من أن ينجع القول فيهم وضمن التسلية في ذكر الغاية أعني قوله سبحانه:
حتى حين فإن المراد بذلك حين قتلهم وهو يوم
بدر على ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل أو موتهم على الكفر الموجب للعذاب أو عذابهم، وفي التنكير والإبهام ما لا يخفى من التهويل.
وجوز أن يقال: شبه حال هؤلاء مع ما هم عليه من محاولة الباطل والانغماس فيه بحال من يدخل في الماء الغامر للعب والجامع تضييع الوقت بعد الكدح في العمل، والكلام حينئذ على منوال سابقه أعني قوله تعالى:
كل حزب بما لديهم فرحون لما جعلوا فرحين غرورا جعلوا لاعبين أيضا والأول أظهر وقد يجعل الكلام عليه أيضا استعارة تمثيلية بل هو أولى عند البلغاء كما لا يخفى.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه
وأبو حيوة والسلمي «في غمراتهم»
على الجمع لأن لكل واحد غمرة.