وقوله عز وجل:
بل قلوبهم في غمرة من هذا إضراب عما قبله ورجوع إلى بيان حال الكفرة فالضمير للكفرة أي بل قلوب الكفرة في غفلة وجهالة من هذا الذي بين في القرآن من أن لديه تعالى كتابا
[ ص: 47 ] ينطق بالحق ويظهر لهم أعمالهم السيئة على رؤوس الأشهاد فيجزون بها كما ينبئ عنه ما سيأتي إن شاء الله تعالى من قوله سبحانه:
قد كانت آياتي تتلى عليكم إلخ، وقيل: الإشارة إلى القرآن الكريم وما بين فيه مطلقا وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، وقيل:
إلى ما عليه أولئك الموصوفون بالأعمال الصالحة وروي هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، وقيل: إلى الدين بجملته، وقيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم والأول أظهر
ولهم أعمال سيئة كثيرة
من دون ذلك الذي ذكر من كون قلوبهم في غمرة مما ذكر وهي فنون كفرهم ومعاصيهم التي من جملتها طعنهم في القرآن الكريم المشار إليه في قوله تعالى:
مستكبرين به سامرا تهجرون .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن المراد بالغمرة الكفرة والشك وأن
ذلك إشارة إلى هذا المذكور، والمعنى لهم أعمال دون الكفر وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أن
ذلك كهذا إشارة إلى ما وصف به المؤمنون من الأعمال الصالحة أي لهم أعمال متخطية لما وصف به المؤمنون أي أضداد ما وصفوا به مما وقع في حيز الصلات وهذا غاية الذم لهم
هم لها عاملون أي مستمرون عليها معتادون فعلها ضارون بها لا يفطمون عنها ( وعاملون ) عامل في الضمير قبله واللام للتقوية، هذا وقال
أبو مسلم : إن الضمير في قوله تعالى:
بل هم إلخ عائد على المؤمنين الموصوفين بما تقدم من الصفات كأنه سبحانه قال بعد وصفهم: ولا نكلف نفسا إلا وسعها ونهايته ما أتى به هؤلاء المشفقون ولدينا كتاب يحفظ أعمالهم ينطق بالحق فلا يظلمون بل يوفي عليهم ثواب أعمالهم، ثم وصفهم سبحانه بالحيرة في قوله تعالى: ( بل قلوبهم في غمرة ) فكأنه عز وجل قال: وهم مع ذلك الوجل والخوف كالمتحيرين في أعمالهم أهي مقبولة أم مردودة ولهم أعمال من دون ذلك أي لهم أيضا من النوافل ووجوه البر سوي ما هم عليه انتهى، قال
الإمام: وهو الأولى لأنه إذا أمكن رد الكلام الى ما يتصل به من ذكر المشفقين كان أولى من رده إلى ما بعد منه خصوصا وقد يرغب المرء في فعل الخير بأن يذكر أن أعماله محفوظة كما يحذر بذلك من الشر، وقد يوصف المرء لشدة فكره في أمر آخرته بأن قلبه في غمرة ويراد أنه قد استولى عليه الفكر في قبول عمله أورده وفي أنه هل أداه كما يجب أو قصر، وهذا على هذا إشارة إلى إشفاقهم ووجلهم انتهى، ولا يخفى ما فيه على من ليس قلبه في غمرة.