إن الذين يرمون المحصنات قد تقدم تفسيرها
الغافلات عما يرمين به بمعنى أنه لم يخطر لهن ببال أصلا لكونهن مطبوعات على الخير مخلوقات من عنصر الطهارة ففي هذا الوصف من الدلالة على كمال النزاهة ما ليس في المحصنات
المؤمنات أي المتصفات بالإيمان بكل ما يجب أن يؤمن به من الواجبات والمحظورات وغيرها إيمانا حقيقيا تفصيليا كما ينبئ عنه تأخير المؤمنات عما قبلها مع أصالة وصف الإيمان فإنه للإيذان بأن المراد بها المعنى الوصفي المعرب عما ذكر لا المعنى الاسمي المصحح لإطلاق الاسم في الجملة كما هو المتبادر على تقدير التقديم كذا في إرشاد العقل السليم.
وفرع عليه كون المراد بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة الصديقة رضي الله تعالى عنها وروي ما ظاهره ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير ، والجمع على هذا باعتبار أن رميها رمي لسائر أمهات المؤمنين لاشتراك الكل في النزاهة والانتساب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونظير ذلك جمع «المرسلين» في قوله سبحانه وتعالى:
كذبت قوم نوح المرسلين [الشعراء: 105] وقيل: المراد أمهات المؤمنين فيدخل فيهن
nindex.php?page=showalam&ids=25الصديقة دخولا أوليا. وروي ما يؤيده عن
أبي الجوزاء nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك وجاء أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما يقتضيه، فقد أخرج عند
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه أنه رضي الله تعالى عنه قرأ سورة النور ففسرها فلما أتى على هذه الآية
إن الذين إلخ قال: هذه في
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجعل لمن فعل ذلك توبة وجعل لمن رمى امرأة من المؤمنات من غير أزواج النبي صلى الله عليه وسلم التوبة ثم قرأ
والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء إلى قوله تعالى:
إلا الذين تابوا [النور: 4. 5] الخبر، وظاهره أنه لا تقبل
توبة من قذف إحدى الأزواج الطاهرات رضي الله تعالى عنهن.
وقد جاء عنه في بعض الروايات التصريح بعدم قبول
توبة من خاض في أمر nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها، ولعل ذلك منه خارج مخرج المبالغة في تعظيم أمر الإفك كما ذكرنا أولا وإلا فظاهر الآيات قبول توبته وقد تاب من تاب من الخائضين
كمسطح وحسان وحمنة ولو علموا أن توبتهم لا تقبل لم يتوبوا، نعم ظاهر
[ ص: 127 ] هذه الآية على ما سمعت من المراد من الموصوف بتلك الصفات كفر قاذف أمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهن لأن الله عز وجل رتب على رميهن عقوبات مختصة بالكفار والمنافقين فقال سبحانه
لعنوا أي بسبب رميهم إياهن
في الدنيا والآخرة حيث يلعنهم اللاعنون والملائكة في الدارين
ولهم مع ما ذكر من اللعن
عذاب عظيم هائل لا يقادر قدره لغاية عظم ما اقترفوه من الجناية.
وكذا ذكر سبحانه أحوالا مختصة بأولئك فقال عز وجل: