فأخذهم العذاب الموعود، وكان صيحة خمدت لها أبدانهم، وانشقت قلوبهم، وماتوا عن آخرهم، وصب عليهم حجارة خلال ذلك.
إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط وكانوا من أصهاره - عليه السلام -
ألا تتقون إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين أتأتون الذكران من العالمين [ ص: 115 ] إنكار وتوبيخ، والإتيان كناية عن الوطء والذكران جمع ذكر مقابل الأنثى، والظاهر أن ( من العالمين ) متصل به، أي: أتأتون الذكران من أولاد بني
آدم على فرط كثرتهم وتفاوت أجناسهم وغلبة إناثهم على ذكرانهم، كأن الإناث قد أعوزتكم، فالمراد بالعالمين الناس؛ لأن المأتي الذكور منهم خاصة، والقرينة إيقاع الفعل والجمع بالواو والنون من غير نظر إلى تغليب، وأما خروج الملك والجن فمن الضرورة العقلية.
ويجوز أن يكون متصلا بـ(تأتون) أي: أتأتون من بين من عداكم من العالمين الذكران، لا يشارككم فيه غيركم، فالمراد بالعالمين كل من يتأتى منه الإتيان، والعالم على هذا ما يعلم به الخالق سبحانه، والجمع للتغليب، وخروج غيره لما مر، ولا يضر كون الحمار والخنزير يأتيان الذكور في أمر الاختصاص للندرة، أو لإسقاطهما عن حيز الاعتبار، وجوز أن يراد بالعالمين على الوجه الثاني الناس أيضا، وإذا قيل بشمولهم لمن تقدم من العالمين تفيد الآية أنهم أول من سن هذه السنة السيئة، كما يفصح عنه قوله تعالى:
ما سبقكم بها من أحد من العالمين .