وما أهلكنا من قرية من القرى المهلكة
إلا لها منذرون قد أنذروا أهلها؛ إلزاما للحجة، والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع خبرا مقدما ومنذرون مبتدأ، والجملة في موضع الحال من ( قرية ) قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان ثم قال: الإعراب أن يكون (لها) في موضع الحال وارتفع
منذرون بالجار والمجرور، أي: إلا كائنا لها منذرون، فيكون من مجيء الحال مفردا لا جملة، ومجيء الحال من المنفي كقولك: (ما مررت بأحد
[ ص: 132 ] إلا قائما فصيح) انتهى، وفي الوجهين مجيء الحال من النكرة.
وحسن ذلك - على ما قيل عمومها - لوقوعها في حيز النفي مع زيادة (من) قبلها، وكأن هذا القائل جعل العموم مسوغا لمجيء الحال قياسا على جعلهم إياه مسوغا للابتداء بالنكرة لاشتراك العلة.
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري إلى أن «لها منذرون» جملة في موضع الصفة لقرية، ولم يجوز
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان كون الجملة الواقعة بعد (إلا) صفة، ثم قال: مذهب الجمهور أنه لا تجيء الصفة بعد إلا معتمدة على أداة الاستثناء، نحو: ما جاءني أحد إلا راكب، وإذا سمع خرج على البدل، أي: إلا رجل راكب. ويدل على صحة هذا المذهب أن العرب تقول: (ما مررت بأحد إلا قائما) ولا يحفظ من كلامها: (ما مررت بأحد إلا قائم) فلو كانت الجملة في موضع الصفة للنكرة لورد المفرد بعد إلا صفة لها، فإن كانت الصفة غير معتمدة على الأداة جاءت الصفة بعد إلا، نحو: (ما جاءني أحد إلا زيد خير من عمرو) فإن التقدير: (ما جاءني أحد خير من عمرو إلا زيد) انتهى، فتذكر.
وأيا ما كان فضمير «لها» للقرية التي هي - لما سمعت - في معنى الجمع، فكأنه قيل وما أهلكنا القرى إلا لها منذرون، على معنى أن للكل منذرين، أعم من أن يكون لكل قرية منها منذر واحد أو أكثر.