ولعل فريق الكفرة أكثر، ولذا ناداهم بقوله:
يا قوم كما حكي عنه في قوله تعالى:
قال يا قوم لجعله في حكم الكل، أي: قال - عليه السلام - للفريق الكافر منهم بعدما شاهد منهم ما شاهد من نهاية العتو والعناد حتى بلغوا من المكابرة إلى أن قالوا له - عليه السلام –:
يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين متلطفا بهم: (يا قوم).
لم تستعجلون بالسيئة أي: بالعقوبة التي تسوءكم
قبل الحسنة أي: التوبة، فتؤخرونها إلى حين نزولها، حيث كانوا - من جهلهم وغوايتهم – يقولون: إن وقع إيعاده تبنا حينئذ، وإلا فنحن على ما نحن عليه
لولا تستغفرون الله أي: هلا تستغفرونه تعالى قبل نزولها
لعلكم ترحمون بقبولها؛ إذ سنة الله تعالى عدم القبول عند النزول.
وقد خاطبهم - عليه السلام - على حسب تخمينهم وجهلهم في ذلك بأن ما خمنوه من التوبة إذ ذاك فاسدة، وأن استعجالهم ذلك خارج من المعقول.
والتقابل بين السيئة والحسنة - بالمعنى الذي سمعت - حاصل من كون أحدهما حسنا والآخر سيئا، وقيل: المراد بالسيئة تكذيبهم إياه - عليه السلام - وكفرهم به، وبالحسنة تصديقهم وإيمانهم، والمراد من قوله: (لم تستعجلون) ... إلخ لومهم على المسارعة إلى تكذيبهم إياه، وكفرهم به، وحضهم على التوبة من ذلك بترك التكذيب والإيمان، وحاصله لومهم على إيقاع التكذيب عند الدعوة دون التصديق، وحضهم على تلافي ذلك.
وإيهام الكلام انتفاء اللوم على إيقاع التكذيب بعد التصديق مما لا يكاد يلتفت إليه، ولا يخفى - بعد طي الكشح عن المناقشة فيما ذكر - أن المناسب لما حكى الله تعالى عن القوم في سورة الأعراف ولما جاء في الآثار هو المعنى الأول.
ومن هنا ضعف ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد من تفسير الحسنة برحمة الله تعالى لتقابل السيئة المفسرة بعقوبته - عز وجل - ويكون المراد من استعجالهم بالعقوبة قبل الرحمة طلبهم إياها دون الرحمة، فتأمل.