وقوله تعالى:
من جاء بالحسنة فله خير منها بيانا لما أشير إليه بإحاطة علمه تعالى بأفعالهم من ترتيب أخيريتها عليها. وقال العلامة
الطيبي قوله تعالى إن الله إلخ استئناف وقع جوابا لقول من يسأل فماذا يكون بعد هذه القوارع فقيل إن الله خبير بعمل العاملين فيجازيهم على أعمالهم وفصل ذلك بقوله سبحانه من جاء إلخ. والخطاب في
تفعلون لجميع المكلفين وقرأ العربيان
nindex.php?page=showalam&ids=16456وابن كثير «يفعلون» بياء الغيبة. والمراد بالحسنة على ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن [ ص: 37 ] nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي وأبي صالح nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة شهادة أن لا إله إلا الله. وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11868وأبو الشيخ nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=16138والديلمي عن
كعب بن عجرة أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فسرها بذلك والمراد بهذه الشهادة التوحيد المقبول وقيل: المراد بالحسنة ما يتحقق بما ذكر وغيره من الحسنات وهو الظاهر، نظرا إلى أن اللام حقيقة في الجنس.
وقال بعضهم: الظاهر الأول، لأن الظاهر حمل المطلق على الكامل وأكمل جنس الحسنة التوحيد ولو أريد العموم لكان الظاهر الإتيان بالنكرة، ويكفي في ترجيح الأول ذهاب أكثر السلف إليه وإذا صح الحديث فيه لا يكاد يعدل عنه.
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي يحلف على ذلك ولا يستثني، والظاهر أن خيرا للتفضيل وفضل الجزاء على الحسنة كائنة ما كانت.
قيل باعتبار الإضعاف أو باعتبار الدوام. وزعم بعضهم أن الكلام بتقدير مضاف أي خير من قدرها وهو كما ترى. وقال بعض الأجلة: ثواب المعرفة النظرية والتوحيد الحاصل في الدنيا هي المعرفة الضرورية على أكمل الوجوه في الآخرة والنظر إلى وجهه الكريم جل جلاله وذلك أشرف السعادات. وقيل: إن خيرا ليس للتفضيل ومن لابتداء الغاية أي فله خير من الخيور مبدؤه ومنشؤه منها أي من جهة الحسنة. وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة وهم أي الذين جاؤوا بالحسنة
من فزع أي فزع عظيم هائل لا يقادر قدره
يومئذ ظرف منصوب بقوله تعالى:
آمنون وبه أيضا يتعلق
من فزع والأمن يستعمل بالجار وبدونه كما في قوله تعالى:
أفأمنوا مكر الله)، وجوز أن يكون الظرف منصوبا بفزع وأن يكون منصوبا بمحذوف وقع صفة له أي من فزع كائن في ذلك الوقت، وقرأ العربيان
nindex.php?page=showalam&ids=16456وابن كثير وإسماعيل بن جعفر، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع فزع يومئذ بإضافة فزع إلى يوم، وكسر ميم يوم، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع في غير رواية
إسماعيل كذلك إلا أنه فتح الميم فتح بناء لإضافة يوم إلى غير متمكن وتنوين إذ للتعويض عن جملة، والأولى على ما في البحر أن تكون الجملة المحذوفة المعوض هو عنها ما قرب من الظرف أي "يوم إذ جاء بالحسنة، وجوز أن يكون التقدير "يوم إذ ينفخ في الصور" لا سيما إذا أريد بذلك النفخ النفخة الثانية، واقتصر عليه شيخ الإسلام، وفسر الفزع بالفزع الحاصل من مشاهدة العذاب بعد تمام المحاسبة وظهور الحسنات والسيئات وهو الذي في قوله تعالى:
لا يحزنهم الفزع الأكبر وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أن ذاك حين يؤمر بالعبد إلى النار، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أنه حين يذبح الموت وينادى: يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت. وهو كذلك في قراءة التنوين وقراءة الإضافة ولا يراد به في القراءة الثانية جميع الأفزاع الحاصلة يومئذ، ومدار الإضافة كون ذلك أعظم الأفزاع وأكبرها كأن ما عداه ليس بفزع بالنسبة إليه وقال تبعا لغيره: إن الفزع المدلول عليه بقوله تعالى:
ففزع إلخ ليس إلا التهيب والرعب الحاصل في ابتداء الإحساس بالشيء الهائل ولا يكاد يخلو منه أحد بحكم الجبلة وإن كان آمنا من لحاق الضرر به.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي: يجوز أن يراد بالفزع في القراءتين فزع واحد وأن يراد به الكثرة لأنه مصدر فإن أريد الكثرة شمل كل فزع يكون في القيامة وإن أريد الواحد فهو الذي أشير إليه بقوله تعالى:
لا يحزنهم الفزع الأكبر وسيأتي إن شاء الله تعالى قريبا تتمة للكلام في الآية