والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم الكفر الأصلي أو العارضي بالإيمان والمعاصي بما يتبعها من الطاعات
ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون أي أحسن جزاء أعمالهم والجزاء الحسن أن يجازي بحسنة حسنة، وأحسن الجزاء أن تجازى الحسنة الواحدة بالعشر وزيادة، وقيل: لو قدر لنجزينهم بأحسن أعمالهم أو جزاء أحسن أعمالهم لإخراج المباح جاز
ووصينا الإنسان بوالديه حسنا أي أمرناه بتعهدهما ومراعاتهما، وانتصب حسنا على أنه وصف لمصدر محذوف أي إيصاء حسنا أي ذا حسن أو هو في حد ذاته حسن لفرط حسنه كقوله تعالى:
وقولوا للناس حسنا [البقرة: 83] وهذا ما اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان ولا يخلو عن حسن، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري: حسنا مفعول به لمصدر محذوف مضاف إلى والديه أي وصيناه بإيتاء والديه أو بإيلاء والديه حسنا، وفيه إعمال المصدر محذوفا وإبقاء عمله وهو لا يجوز عند البصريين، وجوز أن يكون حسنا مصدرا لفعل محذوف أي أحسن حسنا، والجملة في موضع المفعول لـ وصى لتضمنه معنى القول، وهذا على مذهب الكوفيين القائلين بأن ما يتضمن معنى القول يجوز أن يعمل في الجمل من غير تقدير للقول، وعند البصريين يقدر القول في مثل ذلك وعليه يجوز أن يكون مفعولا به لفعل محذوف والجملة مقول القول وجملة القول مفسرة للتوصية أي قلنا أولهما أو افعل بهما حسنا، وعلى هذا يحسن الوقف على بوالديه لاستئناف الجملة بعده، ورجح تقدير الأمر بأنه أوفق لما بعده من الخطاب والنهي الذي هو أخوه لكن ضعف ما فيه كثرة تقدير بكثرة التقدير، ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية عن الكوفيين أنهم يجعلون حسنا مفعولا لفعل محذوف ويقدرون أن يفعل حسنا، وفيه حذف أن وصلتها وإبقاء المعمول وهو لا يجوز عند البصريين، وقيل: إن حسنا منصوب بنزع الخافض وبوالديه متعلق بوصينا والباء فيه بمعنى في أي وصينا الإنسان في أمر والديه بحسن وهو كما ترى، وقرأ
عيسى والجحدري «حسنا» بفتحتين وفي مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي «إحسانا»
وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما عطف على ما قبله ولا بد من إضمار القول إن لم يضمر قبل أي وقلنا: إن جاهداك إلخ لئلا يلزم عطف الإنشاء على الخبر لأن الجملة الشرطية إذا كان جوابها إنشاء فهي إنشائية كما صرحوا به فإذا لم يضمر القول لا يليق عطفها على وصينا لما ذكر ولا على ما عمل فيه لكونه في معنى القول وهو أحسن وإن توافقا في الإنشائية لأنه ليس من الوصية بالوالدين لأنه منهي عن مطاوعتهما، وأما عطفه على قلنا المفسر للتوصية فلا يضر لما فيه من تقييدها بعدم الإفضاء إلى المعصية مآلا فكأنه قيل: أحسن إليهما وأطعهما ما لم يأمراك بمعصية فتأمل، والظاهر الذي يقتضيه المقام أن (ما) عام لما سواه تعالى شأنه وقوله سبحانه: (به) على حذف مضاف أي ما ليس لك بإلهيته علم، وتنكير علم للتحقير.
والمراد لتشرك بي شيئا لا يصح أن يكون إلها ولا يستقيم، وفي العدول عنه إلى ما في النظم الجليل إيذان
[ ص: 139 ] بأن ما لا يعلم صحته ولو إجمالا كما في التقليد لا يجوز اتباعه وإن لم يعلم بطلانه فكيف بما علم على أتم وجه بطلانه، وجعل العلامة
الطيبي نفي العلم كناية عن نفي المعلوم، وعلل ذلك بأن هذا الأسلوب يستعمل غالبا في حق الله تعالى نحو «أتعلمون الله بما لا يعلم» ثم قال: وفيه إشارة إلى أن نفي الشرك من العلوم الضرورية وأن الفطرة السليمة مجبولة عليه على ما ورد
nindex.php?page=hadith&LINKID=651270«كل مولود يولد على الفطرة»
وذلك أن المخاطب بقوله تعالى: