أإنكم لتأتون الرجال أي تنكحونهم
وتقطعون السبيل أي وتقطعون الطريق بسبب تكليف الغرباء والمارة تلك الفعلة القبيحة وإتيانهم كرها أو وتقطعون سبيل النسل بالإعراض عن الحرث وإتيان ما ليس بحرث، وقيل: تقطعون الطريق بالقتل وأخذ المال، وقيل:
تقطعونه بقبح الأحدوثة
وتأتون أي تفعلون
في ناديكم أي في مجلسكم الذي تجتمعون فيه، وهو اسم جنس إذ أنديتهم في مجالسهم كثيرة، ولا يسمى ناديا إلا إذا كان فيه أهله فإذا ناموا عنه لم يطلق عليه ناد
المنكر
أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وحسنه،
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الشعب وغيرهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ بنت أبي طالب قالت:
nindex.php?page=hadith&LINKID=706501«سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى: وتأتون في ناديكم المنكر فقال: كانوا يجلسون بالطريق فيخذفون أبناء السبيل ويسخرون منهم
، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ومنصور والقاسم بن محمد nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد هو إتيان الرجال في مجالسهم يرى بعضهم بعضا، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أيضا هو لعب الحمام وتطريف الأصابع بالحناء والصفير والخذف ونبذ الحياء في جميع أمورهم، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس هو تضارطهم وتصافعهم فيها، وفي رواية أخرى عنه هو الخذف بالحصى والرمي وبالبنادق والفرقعة ومضغ العلك والسواك بين الناس وحل الإزار والسباب والفحش في المزاح ولم يأت في قصة
لوط عليه السلام أنه دعا قومه إلى عبادة الله تعالى كما جاء في قصة
إبراهيم وكذا في قصة
شعيب الآتية لأن
لوطا كان من قوم
إبراهيم وفي زمانه وقد سبقه إلى الدعاء لعبادة الله تعالى وتوحيده واشتهر أمره عند الخلق فذكر
لوط عليه السلام ما اختص به من المنع من الفاحشة وغيرها، وأما
إبراهيم وشعيب عليهما السلام فجاءا بعد انقراض من كان يعبد الله عز وجل ويدعو إليه سبحانه فلذلك دعا كل منهما قومه إلى عبادته تعالى كذا في البحر.
فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين أي فيما تعدنا من نزول العذاب على ما في الكشاف وغيره، وهذا ظاهر في أنه عليه السلام كان أوعدهم بالعذاب، وقيل: أي في دعوى استحقاقنا العذاب على ما نحن عليه المفهومة من التوبيخ المعلوم من الاستفهام الإنكاري،
[ ص: 154 ] وقيل: أي في دعوى استقباح ذلك الناطق بها كلامك وهذا الجواب صدر عنهم في المرة الأولى من مرات مواعظ لوط عليه السلام، وما في سورة الأعراف المذكور في قوله تعالى:
وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم [الأعراف: 82] الآية وما في سورة النمل المذكور في قوله تعالى:
فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم [النمل: 56] الآية فقد صدر عنهم بعد هذه المرة فلا منافاة بين الحصر هنا والحصر هناك، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان وتبعه
أبو السعود. وتعقب بأن هذا التعيين يحتاج إلى توقيف. وأجيب بأن مضموني الجوابين يشعران بالتقدم والتأخر، وذلك أن
ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين من باب التكذيب والسخرية وهو أوفق بأوائل المواعظ والتوبيخات (وأخرجوهم من قريتكم) ونحوه من باب التعذيب والانتقام، وهو أنسب بأن يكون بعد تكرر الوعظ والتوبيخ الموجب لضجرهم ومزيد تألمهم مع قدرتهم على التشفي، وهذا القدر يكفي لدعوى التقدم والتأخر، وقيل في دفع المنافاة بين الحصرين: إن ما هنا جواب قومه عليه السلام له إذ نصحهم، وما هناك جواب بعضهم لبعض إذ تشاوروا في أمره، وقيل: إن أحد الجوابين صدر عن كبار قومه وأمرائهم والآخر صدر عن غيرهم، وظاهر صنيع بعض الأجلة يقتضي اختيار أن يكون كل من الحصرين بالإضافة إلى الجواب الذي يرجوه عليه السلام في متابعته فتأمل.