من كفر فعليه كفره أي وبال كفره، وهي النار المؤبدة، ففي الكلام مضاف مقدر أو الكفر مجاز عن جزائه، بل عن جميع المضار التي لا ضرر وراءها، وإفراد الضمير باعتبار لفظ ( من )، وفيه إشارة إلى قلة قدرهم عند الله تعالى وحقارتهم مع ما علم من كثرة عددهم، وجمعه في قوله تعالى:
ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون باعتبار معناها، وفيه مع رعاية الفاصلة إشارة إلى كثرة قدرهم وعظمهم عند الله تعالى، ( ويمهدون ) من مهد فراشه وطأه، أي يوطؤون لأنفسهم كما يوطئ الرجل لنفسه فراشه لئلا يصيبه في مضجعه ما ينبيه وينغص عليه مرقده من نتوء أو قضض، أو بعض ما يؤذي الراقد، فكأنه شبه حالة المكلف مع عمله الصالح وما يتحصل به من الثواب ويتخلص من العقاب بحالة من يمهد فراشه ويوطؤه ليستريح عليه، ولا يصيبه في مضجعه ما ينغص عليه، وجوز أن يكون المعنى: فعلى أنفسهم يشفقون، على أن ذلك من قولهم في المثل للمشفق: أم فرشت فأنامت، فيكون الكلام كناية إيمائية عن الشفقة والمرحمة، والأولى أظهر، والظاهر أن هذه التوطئة لما بعد الموت من القبر وغيره، وأخرج جماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنه قال: فلأنفسهم يمهدون أي يسوون المضاجع في القبر، وليس بذاك. وتقديم الظرف في الموضعين للدلالة على الاختصاص، وقيل: للاهتمام، ومقابلة من ( كفر) بمن عمل صالحا، لا بمن آمن، إما للتنويه بشأن الإيمان بناء على أنه المراد بالعمل الصالح، وإما لمزيد الاعتناء بشأن المؤمن العامل، بناء على أن المراد بالعمل الصالح ما يشمل العمل القلبي والقالبي، ويشعر بأن المراد بمن عمل صالحا المؤمن العالم، قوله تعالى: