ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها بيان إجمالي لمن
قابل آيات الله تعالى بالإعراض بعد بيان حال من قابلها بالسجود والتسبيح والتحميد، وكلمة ( ثم ) لاستبعاد الإعراض عنها عقلا مع غاية وضوحها وإرشادها إلى سعادة الدارين، كما في قول
جعفر بن علية الحارثي: ولا يكشف الغماء إلا ابن حرة يرى غمرات الموت ثم يزورها
والمراد أن ذلك أظلم من كل ظالم،
إنا من المجرمين قيل: أي من كل من اتصف بالإجرام، وكسب الأمور المذمومة، وإن لم يكن بهذه المثابة،
منتقمون فكيف ممن هو أظلم من كل ظالم وأشد جرما من كل جارم، ففي الجملة إثبات الانتقام منه بطريق برهاني.
[ ص: 137 ] وجوز أن يراد بالمجرم المعرض المذكور وقد أقيم المظهر مقام المضمر الراجع إلى ( من )، باعتبار معناها، وكان الأصل: إنا منهم منتقمون ليؤذن بأن علة الانتقام ارتكاب هذا المعرض مثل هذا الجرم العظيم: وفسر
nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي المجرمين هنا بالمشركين. وقال
الطيبي عليه الرحمة بعد حكايته: ولا ارتياب أن الكلام في ذم المعرضين، وهذا الأسلوب أذم، لأنه يقر أن الكافر إذا وصف بالظلم، والإجرام حمل على نهاية كفره وغاية تمرده، لأن هذه الآية كالخاتمة لأحوال المكذبين القائلين: ( أم يقولون افتراه ) [السجدة: 3 وغيرها]، والتخلص إلى قصة
الكليم مسلاة لقلب الحبيب عليهما الصلاة والسلام إلى آخر ما ذكره فليراجع.