ليسأل الصادقين عن صدقهم [ ص: 155 ] قيل: متعلق بمضمر مستأنف مسوق لبيان علة الأخذ المذكور وغايته، أي فعل الله تعالى ذلك ليسأل إلخ، وقيل: متعلق (بأخذنا)، وتعقب بأن المقصود تذكير نفس الميثاق، ثم بيان علته وغايته بيانا قصديا كما ينبئ عنه تغيير الأسلوب بالالتفات إلى الغيبة، والمراد بالصادقين النبيون الذين أخذ ميثاقهم، ووضع موضع ضميرهم للإيذان من أول الأمر بأنهم صادقوا فيما سئلوا عنه، وإنما السؤال لحكمة تقتضيه أي ليسأل الله تعالى يوم القيامة النبيين الذين صدقوا عهودهم عن كلامهم الصادق الذي قالوه لأقوامهم، أو عن تصديق أقوامهم إياهم، وسؤالهم عليهم السلام عن ذلك على الوجهين لتبكيت الكفرة المكذبين كما في قوله تعالى
يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم [المائدة: 109]، أو المراد بهم المصدقون بالنبيين، والمعنى ليسأل المصدقين للنبيين عن تصديقهم إياهم فيقال: هل صدقتم؟ وقيل: يقال لهم هل كان تصديقكم لوجه الله تعالى؟ ووجه إرادة ذلك أن مصدق الصادق صادق وتصديقه صدق، وقيل: المعنى ليسأل المؤمنين الذين صدقوا عهدهم حين أشهدهم على أنفسهم عن صدقهم عهدهم. وتعقب بأنه يأباه مقام تذكير ميثاق النبيين،
وأعد للكافرين عذابا أليما قيل: عطف على فعل مضمر متعلقا فيما قبل، وقيل: على مقدر دل عليه
ليسأل كأنه قيل: فأثاب المؤمنين، وأعد للكافرين إلخ، وقيل: على ( أخذنا ) وهو عطف معنوي كأنه قيل: أكد الله تعالى على النبيين الدعوة إلى دينه لأجل إثابة المؤمنين وأعد للكافرين إلخ.
وقيل: على (يسأل) بتأويله بالمضارع، ولا بد من ملاحظة مناسبة ليحسن العطف، وقيل: على مقدر، وفي الكلام الاحتباك، والتقدير: ليسأل الصادقين عن صدقهم، وأعد لهم ثوابا عظيما، ويسأل الكاذبين عن كذبهم، وأعد لهم عذابا أليما، فحذف من كل منهما ما ثبت في الآخر، وقيل: إن الجملة حال من ضمير (يسأل) بتقدير قد، أو بدونه، ولا يخفى أقلها تكلفا.