أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم شروع في ذكر
قصة الأحزاب، وهي وقعة الخندق، وكانت على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق في شوال سنة خمس، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك: سنة أربع.
والنعمة إن كانت مصدرا بمعنى الإنعام فالجار متعلق بها وإلا فهو متعلق بمحذوف وقع حالا منها أي كائنة عليكم، وقوله تعالى:
إذ جاءتكم جنود ظرف لنفس النعمة، أو لثبوتها لهم، وقيل: منصوب (باذكر) على أنه بدل اشتمال من ( نعمة )، والمراد بالجنود الأحزاب، وهم
قريش يقودهم
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان، وبنو أسد يقودهم
طليحة، وغطفان يقودهم
عيينة، وبنو عامر يقودهم
عامر بن الطفيل، وبنو سليم يقودهم
أبو الأعور السلمي، وبنو النضير رؤساؤهم
حيي ابن أخطب وأبناء
أبي الحقيق، وبنو قريظة سيدهم
كعب بن أسد، وكان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فنبذه بسعي حيي، وكان مجموعهم عشرة آلاف في قول، وخمسة عشر ألفا في آخر، وقيل: زهاء اثني عشر ألفا، فلما سمع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بإقبالهم حفر خندقا قريبا من المدينة محيطا بها بإشارة nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان الفارسي أعطى كل أربعين ذراعا لعشرة، ثم خرج عليه الصلاة والسلام في ثلاثة آلاف من المسلمين، فضرب معسكره، والخندق بينه وبين القوم، وأمر بالذراري والنساء فدفعوا في الآطام، واشتد الخوف، وظن المؤمنون كل ظن، ونجم النفاق كما قص الله تعالى، ومضى قريب من شهر على الفريقين لا حرب بينهم سوى الرمي بالنبل والحجارة من وراء الخندق، إلا أن فوارس من قريش منهم عمرو بن عبد ود وكان يعد بألف فارس، nindex.php?page=showalam&ids=28وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب، وهبيرة بن أبي وهب، ونوفل بن عبد الله قد ركبوا خيولهم وتيمموا من الخندق مكانا ضيقا فضربوا بخيولهم، فاقتحموا، فجالت بهم في السبخة بين الخندق، وسلع، فخرج nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه في نفر من المسلمين رضي الله تعالى عنهم حتى أخذ عليهم الثغرة التي اقتحموا منها، فأقبلت [ ص: 156 ] الفرسان معهم، وقتل nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه عمرا في قصة مشهورة، فانهزمت خيله حتى اقتحمت من الخندق هاربة وقتل مع عمرو منبه بن عثمان بن عبد الدار، ونوفل بن عبد العزى، وقيل: وجد نوفل في جوف الخندق، فجعل المسلمون يرمونه بالحجارة، فقال لهم: قتلة أجمل من هذه، ينزل بعضكم أقاتله، فقتله الزبير بن العوام.
وذكر nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق أن nindex.php?page=showalam&ids=8عليا كرم الله تعالى وجهه طعنه في ترقوته حتى أخرجها من مراقه، فمات في الخندق، وبعث المشركون إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يشترون جيفته بعشرة آلاف، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (هو لكم، لا نأكل ثمن الموتى)، ثم أنزل الله تعالى النصر، وذلك قوله تعالى: فأرسلنا عليهم ريحا
عطف على ( جاءتكم ) مسوق لبيان النعمة إجمالا، وسيأتي إن شاء الله تعالى بقيتها في آخر القصة.
وجنودا لم تروها وهم الملائكة عليهم السلام، وكانوا على ما قيل ألفا، روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=889968أن الله تعالى بعث عليهم صبا باردة في ليلة باردة فأخصرتهم وسفت التراب في وجوههم، وأمر الملائكة عليهم السلام فقلعت الأوتاد وقطعت الأطناب وأطفأت النيران، وأكفأت القدور وماجت الخيل بعضها في بعض، وقذف في قلوبهم الرعب وكبرت الملائكة في جوانب عسكرهم، فقال طليحة بن خويلد الأسدي: أما محمد صلى الله عليه وسلم فقد بدأكم بالسحر، فالنجاء النجاء فانهزموا، وقال nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة رضي الله تعالى وقد ذهب ليأتي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بخبر القوم: خرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت في ضوء نار لهم توقد، وإذا رجل أدهم ضخم يقول بيده على النار، ويمسح خاصرته، ويقول: الرحيل الرحيل لا مقام لكم، وإذا الرجل في عسكرهم ما يجاوز عسكرهم شبرا، فوالله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفرشهم، والريح تضربهم، ثم خرجت نحو النبي عليه الصلاة والسلام، فلما صرت في نصف الطريق، أو نحو ذلك، إذا أنا بنحو عشرين فارسا متعممين فقالوا: أخبر صاحبك أن الله تعالى كفاه القوم.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن «وجنودا» بفتح الجيم، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو في رواية،
nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر في رواية أيضا «لم يروها» بياء الغيبة،
وكان الله بما تعملون من حفر الخندق، وترتيب مبادئ الحرب إعلاء لكلمة الله تعالى، وقيل: من التجائكم إليه تعالى ورجائكم من فضله عز وجل.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو «يعملون» بياء الغيبة أي بما يعمله الكفار من التحرز، والمحاربة وإغراء بعضهم بعضا عليها حرصا على إبطال حقكم، وقيل: من الكفر والمعاصي
بصيرا ولذلك فعل ما فعل من نصركم عليهم، والجملة اعتراض مقرر لما قبله.