لا يحل لك النساء بالياء لأن تأنيث الجمع غير حقيقي وقد وقع بفصل أيضا، والمراد بالنساء الجنس الشامل للواحدة ولم يؤت بمفرد لأنه لا مفرد له من لفظه والمرأة شاملة للجارية وليست بمرادة، واختصاص النساء بالحرائر بحكم العرف، وقرأ البصريان بالتاء الفوقية،
وسهل nindex.php?page=showalam&ids=11970وأبو حاتم يخير فيهما، وأيا كان ما كان فالمراد يحرم عليك نكاح النساء
من بعد قيل أي من بعد التسع اللاتي في عصمتك اليوم، أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16965ابن سعد عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة قال: لما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم أزواجه اخترنه فأنزل الله تعالى لا يحل لك النساء من بعد هؤلاء التسع اللاتي
[ ص: 65 ] اخترنك، أي لقد حرم عليك تزويج غيرهن، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في ناسخه
nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في سننه عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال: لما خيرهن فاخترن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم قصره عليهن فقال سبحانه
لا يحل لك النساء من بعد وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال في الآية حبسه الله تعالى عليهن كما حبسهن عليه - عليه الصلاة والسلام - ، وقدر بعضهم المضاف إليه المحذوف اختيارا أي من بعد اختيارهن الله تعالى ورسوله.
وقال الإمام: هو أولى وكأن ذلك لكونه أدل على أن التحريم كان كرامة لهن وشكرا على حسن صنيعهن، وجوز آخر أن يكون التقدير من بعد اليوم ومآله تحريم من عدا اللاتي اخترنه عليه الصلاة والسلام.
وحكي في البحر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة قال: لما خيرن فاخترن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم جازاهن أن حظر عليه النساء غيرهن وتبديلهن ونسخ سبحانه بذلك ما أباحه له قبل من التوسعة في جميع النساء، وحكي أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير أن المعنى من بعد إباحة النساء على العموم، وقيل التقدير من بعد التسع على معنى أن هذا العدد مع قطع النظر عن خصوصية المعدود نصابه صلى الله عليه وسلم من الأزواج كما أن الأربع نصاب أمته منهن، فالمعنى لا يحل لك الزيادة على التسع.
ولا أن تبدل أصله تتبدل فخفف بحذف إحدى التاءين أي ولا يحل لك أن تستبدل
بهن من أزواج بأن تطلق واحدة منهن وتنكح بدلها أخرى، ففي الآية حكمان حرمة الزيادة وحرمة الاستبدال، وظاهره أنه يحل له عليه الصلاة والسلام نكاح امرأة أخرى على تقدير أن تموت واحدة من التسع، وإذا كان المراد من الآية تحريم من عدا اللاتي اخترنه عليه الصلاة والسلام أفادت الآية أنه لو ماتت واحدة منهن لم يحل له نكاح أخرى، وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس السابق ظاهر في ذلك جدا، وكأن قوله تعالى:
ولا أن تبدل إلخ عليه لدفع توهم أن المحرم ليس إلا أن يرعهن صلى الله عليه وسلم بواحدة من الضرائر.
وفي رواية أخرى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة أن المعنى لا يحل لك النساء من بعد هؤلاء اللاتي سمى الله تعالى لك في قوله سبحانه: يا
أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك الآية فلا يحل له صلى الله عليه وسلم ما وراء الأجناس الأربعة كالأعرابيات والغرائب ويحل له منها ما شاء، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وحسنه وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ما هو ظاهر في ذلك حيث قال في الخبر وقال تعالى:
يا أيها النبي إنا أحللنا لك إلى قوله سبحانه:
خالصة لك وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد في (زوائد المسند)
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=14679والضياء في (المختارة) وغيرهم عن
زياد قال: قلت
لأبي بن كعب رضي الله تعالى عنه أرأيت لو أن أزواج النبي عليه الصلاة والسلام متن أما يحل له أن يتزوج قال: وما يمنعه من ذلك قلت: قوله تعالى:
لا يحل لك النساء من بعد فقال: إنما أحل له ضربا من النساء ووصف له صفة فقال سبحانه
يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك إلى قوله تعالى:
وامرأة مؤمنة الخ، ثم قال تبارك وتعالى لا يحل لك النساء من بعد هذه الصفة، وعلى هذا القول قال
الطيبي : يكون قوله سبحانه:
ولا أن تبدل إلخ تأكيدا لما قبله من تحريم غير ما نص عليه من الأجناس الأربعة وكأن ضمير بهن للأجناس المذكورة في قوله تعالى:
يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك الآية، والمعنى لا يحل لك أن تترك هذه الأجناس وتعدل عنها إلى أجناس غيرها، وقال شيخ الإسلام
أبو السعود عليه الرحمة بعد ما حكى القول المذكور يأباه قوله تعالى:
ولا أن تبدل بهن إلخ فإن معنى إحلال الأجناس المذكورة إحلال
[ ص: 66 ] نكاحهن فيكون التبدل بهن إحلال نكاح غيرهن بدل إحلال نكاحهن وذلك إنما يتصور بالنسخ الذي هو ليس من الوظائف البشرية انتهى فتأمل ولا تغفل.
وقيل
ولا أن تبدل من البدل الذي كان في الجاهلية كان يقول الرجل للرجل بادلني بامرأتك وأبادلك بامرأتي فينزل كل واحد منهما عن امرأته للآخر، وروي نحوه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16327ابن زيد وأنكر هذا القول
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري وغيره في معنى الآية وقالوا ما فعلت
العرب ذاك قط، وما روي من حديث
عيينة بن حصن أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل عليه بغير استئذان وعنده
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : من هذه الحميراء؟ فقال:
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، فقال
عيينة: يا رسول الله إن شئت نزلت لك عن سيدة نساء
العرب جمالا ونسبا، فليس بتبديل ولا أراد ذلك وإنما احتقر
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها لأنها كانت إذ ذاك صبية، ومن مزيد لتأكيد الاستغراق فيشمل النهي تبدل الكل والبعض.
وقوله تعالى:
ولو أعجبك حسنهن في موضع الحال فاعل تبدل والتقدير مفروضا إعجابك بهن، وحاصله ولا تبدل بهن من أزواج على كل حال، وظاهر كلام بعضهم أنه لا يجوز أن يكون حالا من مفعوله أعني أزواجا وعلل ذلك بتوغله في التنكير، وتعقب بأنه مخالف لكلام النحاة فإنهم جوزوا الحال من النكرة إذا وقعت منفية لأنها تستغرق حينئذ فيزول إبهامها كما صرح به الرضي.
وقيل إن التنكير مانع من الحالية هاهنا لأن الحال تقاس بالصفة والواو مانعة من الوصفية فتمنع من الحالية، ومنع لزوم القياس مع أن
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وغيره جوزوا دخول الواو على الصفة لتأكيد لصوقها، وقيل في عدم جواز ذلك إن ذا الحال إذا كان نكرة يجب تقديمها ولم تقدم هاهنا، وتعقب بأن ذلك غير
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في الجملة المقرونة بالواو لكونه بصورة العاطف.
واستظهر صاحب الكشف الجواز وذكر أن المعنى في الحالين لا يتفاوت كثير تفاوت لأنه إذا تقيد الفعل لزم تقيد متعلقاته وإنما الاختلاف في الأصالة والتبعية، وضمير (حسنهن) للأزواج، والمراد بهن من يفرضن بدلا من أزواجه اللاتي في عصمته عليه الصلاة والسلام فتسميتهن أزواجا باعتبار ما يعرض مالا وهذا بناء على أن باء البدل في بهن داخلة على المتروك دون المأخوذ فلو اعتبرت داخلة على المأخوذ كان الضمير للنساء لا للأزواج، وممن أعجبه صلى الله عليه وسلم حسنهن على ما قيل
nindex.php?page=showalam&ids=116أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة
جعفر بن أبي طالب بعد وفاته رضي الله تعالى عنه، وفي قوله سبحانه:
ولو أعجبك حسنهن على ما نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية دليل على جواز أن ينظر الرجل إلى من يريد زواجها، وفي الأخبار أدلة على ذلك، وتفصيل الأقوال فيه في كتب الفروع.
واختلف في أن الآية الدالة على عدم حل النساء له صلى الله عليه وسلم هل هي محكمة أم لا، فعن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب وجماعة منهم
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري واستظهره
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان أنها محكمة، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة رضي الله تعالى عنهما
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك عليه الرحمة أنها منسوخة، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها. أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود في ناسخه
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر وغيرهم عنها قالت:
nindex.php?page=hadith&LINKID=669415لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله تعالى له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم، لقوله سبحانه:
ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء وهذا ظاهر في أن الناسخ قوله تعالى:
ترجي الخ، وهو مبني على أن المعنى تطلق من تشاء وتمسك من تشاء، ووجه النسخ به على هذا التفسير أنه يدل بعمومه على أنه أبيح له صلى الله عليه وسلم الطلاق والإمساك لكل من يريد فيدل على أن له تطليق منكوحاته ونكاح من يريد من غيرهن إذ
[ ص: 67 ] ليس المراد بالإمساك إمساك من سبق نكاحه فقط لعموم من تشاء.
وقوله سبحانه: ( تؤوي ) ليس مقيدا ب منهن، كذا قال
الخفاجي : وفي القلب منه شيء ولا بد على القول بأن النسخ بذلك من القول بتأخر نزوله عن نزول الآية المنسوخة إذ لا يمكن النسخ مع التقدم، وهو ظاهر ولا يعكر التقدم في المصحف لأن ترتيبه ليس على حسب النزول.
وقال بعضهم: إن الناسخ السنة ويغلب على الظن أنها كانت فعله عليه الصلاة والسلام، أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم عن
عبد الله بن شداد أنه قال: في قوله تعالى:
ولا أن تبدل إلخ ذلك لو طلقهن لم يحل له أن يستبدل، وقد كان ينكح بعد ما نزلت هذه الآية ما شاء ونزلت وتحته تسع نسوة ثم تزوج بعد
nindex.php?page=showalam&ids=10583أم حبيبة بنت أبي سفيان nindex.php?page=showalam&ids=149وجويرية بنت الحارث رضي الله تعالى عنهما، والظاهر على القول بأن الآية نزلت كرامة للمختارات وتطييبا لخواطرهن وشكرا لحسن صنيعهن عدم النسخ والله تعالى أعلم.
وقوله:
إلا ما ملكت يمينك استثناء من النساء متصل بناء على أصل اللغة لتناوله عليه الحرائر والإماء ومنقطع بناء على العرف لاختصاصه فيه بالحرائر ولا أن تبدل بهن من أزواج كالصريح فيه.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : إن ما إن كانت موصولة واقعة على الجنس فهو استثناء من الجنس مختار فيه الرفع على البدل من النساء ويجوز النصب على الاستثناء وإن كانت مصدرية فهي في موضع نصب لأنه استثناء من غير الجنس الأول انتهى، وليس بجيد لأنه قال والتقدير إلا ملك اليمين وملك بمعنى مملوك فإذا كان بمعنى مملوك لم يصح الجزم بأنه ليس من الجنس، وأيضا لا يتحتم النصب وإن فرضنا أنه من غير الجنس حقيقة بل أهل الحجاز ينصبون وبنو تميم يبدلون، وأيا ما كان فالظاهر حل المملوكة له صلى الله عليه وسلم سواء كانت مما أفاء الله تعالى عليه أم لا.
وكان الله على كل شيء رقيبا أي راقبا أو مراقبا، والمراد كان حافظا ومطلعا على كل شيء فاحذروا تجاوز حدوده سبحانه وتخطي حلاله إلى حرامه عز وجل.