قل إن ضللت عن الحق
فإنما أضل على نفسي أي عائدا ضرر ذلك ووباله عليها فإنها الكاسبة للشرور والأمارة بالسوء
وإن اهتديت إلى الحق
فبما يوحي إلي ربي فإن الاهتداء بهدايته تعالى وتوفيقه عز وجل، وما موصولة أو مصدرية، وكان الظاهر وإن اهتديت فلها كقوله تعالى:
من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها [فصلت: 46] أو إن ضللت فإنما أضل بنفسي ليظهر التقابل، لكنه عدل عن ذلك اكتفاء بالتقابل بحسب المعنى لأن الكلام عليه أجمع، فإن كل ضرر فهو من النفس وبسببها وعليها وباله، وقد دل لفظ على في القرينة الأولى على معنى اللام في الثانية والباء في الثانية على معنى السببية في الأولى، فكأنه قيل: قل إن ضللت فإنما أضل بسبب نفسي على نفسي، وإن اهتديت فإنما أهتدي لنفسي بهداية الله تعالى وتوفيقه سبحانه، وعبر عن هذا بما
يوحي إلي ربي لأنه لازمه، وجعل على للتعليل وإن ظهر عليه التقابل ارتكاب لخلاف الظاهر من غير نكتة.
وجوز أن يكون معنى القرينة الأولى قل إن ضللت فإنما أضل علي لا على غيري، ولا يظهر عليه أمر التقابل مطلقا، والحكم على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري عام، وإنما أمر صلى الله عليه وسلم أن يسنده إلى نفسه لأن الرسول إذا دخل
[ ص: 157 ] تحته مع جلالة محله وسداد طريقته كان غيره أولى به، وقال الإمام: أي إن ضلال نفسي كضلالكم لأنه صادر من نفسي ووباله عليها وأما اهتدائي فليس كاهتدائكم بالنظر والاستدلال وإنما هو بالوحي المنير، فيكون مجموع الحكمين عنده مختصا به عليه الصلاة والسلام، وفيما ذكره دلالة على ما قاله
الطيبي على أن دليل النقل أعلى وأفخم من دليل العقل وفيه بحث. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=17340وابن وثاب وعبد الرحمن المقرئ «ضللت» بكسر اللام و «أضل» بفتح الضاد وهي لغة تميم، وكسر
عبد الرحمن همزة «أضل» وقرئ «ربي» بفتح الياء.
إنه سميع قريب فلا يخفى عليه سبحانه قول كل من المهتدي والضال وفعله وإن بالغ في إخفائهما فيجازي كلا بما يليق.