من كان يريد العزة الشرف والمنعة من قولهم أرض عزاز أي صلبة وتعريفها للجنس، والآية في الكافرين كانوا يتعززون بالأصنام كما قال تعالى:
واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا [مريم: 81] والذين آمنوا بألسنتهم من غير مواطأة قلوبهم كانوا يتعززون بالمشركين كما قال سبحانه:
الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة [النساء: 139] و (من) اسم شرط وما بعده فعل الشرط، والجمع بين كان ويريد للدلالة على دوام الإرادة واستمرارها.
وقوله تعالى:
فلله العزة جميعا دليل الجواب ولا يصح جعله جوابا من حيث الصناعة لخلوه عن ضمير يعود على من، وقد قالوا: لا بد أن يكون في جملة الجواب ضمير يعود على اسم الشرط إذا لم يكن ظرفا، والتقدير من كان يريد العزة فليطلبها من الله تعالى فلله وحده لا لغيره العزة، فهو سبحانه يتصرف فيها كما يريد فوضع السبب موضع المسبب لأن الطلب ممن هي له وفي ملكه جميعها مسبب عنه، وتعريف العزة للاستغراق بقرينة
جميعا وانتصابه على الحال، والمراد عزة الدنيا والآخرة، وتقديم الخبر على المبتدأ للاختصاص كما أشرنا إليه.
ولا ينافي ذلك قوله تعالى:
ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين [المنافقون: 8] لأن ما لله تعالى وحده العزة بالذات وللرسول صلى الله عليه وسلم العزة بواسطة قربه من الله تعالى وما للمؤمنين العزة بواسطة الرسول عليه الصلاة والسلام، وكأنه للإشارة إلى ذلك أعيد الجار.
وقدر بعضهم الجواب فليطع الله تعالى، وأيد بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس كما في (مجمع البيان) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
«إن ربكم يقول كل يوم أنا العزيز فمن أراد عز الدارين فليطع العزيز». ومن قدر فليطلبها من الله تعالى قال: إن الطلب منه تعالى إنما يكون بالطاعة والانقياد.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء المعنى من كان يريد علم العزة أي القدرة على القهر لمن هي فلينسبها إلى الله تعالى فهي له تعالى وحده، وقيل: المعنى من كان يريد العزة أي الغلبة فهو مغلوب لأن الغلبة لله تعالى وحده ولا تتم إلا به عز وجل ونسب هذا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، وقيل: تعريف العزة الأولى للاستغراق أيضا أو للعهد، والمراد الفرد الكامل، والمعنى من كان يريد العزة جميعها أو الفرد الكامل منها وهي العزة التي لا يشوبها ذلة من وجه، فهو لا ينالها فإنها لله تعالى وحده، وهذا القول أحسن من القولين قبله، وأظهر الأقوال عندي الأول وهو منسوب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
وقوله تعالى:
إليه يصعد الكلم الطيب إلى آخره كالبيان لطريق تحصيل العزة وسلوك السبيل إلى نيلها وهو الطاعة القولية والفعلية، وقيل: بيان لكون
[ ص: 174 ] العزة كلها لله تعالى وبيده سبحانه لأنها بالطاعة وهي لا يعتد بها ما لم تقبل، وقيل: استئناف كلام، وعلى الأول المعول.
و
الكلم اسم جنس جمعي عند جمع واحده كلمة، والمراد بالكلم الطيب على ما في الكشاف والبحر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لا إله إلا الله، ومعنى كونه طيبا على ما قيل إن العقل السليم يستطيبه ويستلذه لما فيه من الدلالة على التوحيد الذي هو مدار النجاة والوسيلة إلى النعيم المقيم أو يستلذه الشرع أو الملائكة عليهم السلام، وقيل: إنه حسن يقبله العقل ولا يرده، وإطلاق الكلم على ذلك إن كان واحده الكلمة بالمعنى الحقيقي ظاهر لتضمنه عدة كلمات لكن في وصفه بالطيب بالنظر إلى غير الاسم الجليل خفاء، ولعل ذلك باعتبار خصوصية التركيب، وإن كان واحده هنا الكلمة بالمعنى المجازي كما في قوله تعالى:
وتمت كلمة ربك [الأنعام: 115، الأعراف: 137] و
كلا إنها كلمة هو قائلها [المؤمنون: 100] وقوله عليه الصلاة والسلام:
nindex.php?page=hadith&LINKID=653553«أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد » وقولهم لا إله إلا الله كلمة التوحيد، إلى ما لا يحصى كثرة.
فإطلاق الكلم على ذلك لتعدده بتعدد القائل: وكأن القرينة على إرادة المعنى المجازي للكلمة الصادق على الكلام الوصف بالطيب بناء على أن ما يستطيب ويستلذ هو الكلام دون الكلمة العارية عن إفادة حكم تنبسط منه النفس أو تنقبض، أو يقال: إن كثرة إطلاق الكلمة على الكلام وشيوعه فيما بينهم حتى قال بعضهم كم نقل الحمصي في حواشي التصريح عن بعض شراح الأجرومية أنه حقيقة لغوية تغني عن القرينة.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الأسماء والصفات عن الحبر أنه فسر الكلم الطيب بذكر الله تعالى، وقيل: هو سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وهو ظاهر أثر أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=16138والديلمي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
وقيل: هو سبحان الله وبحمده والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله، وهو ظاهر أثر أخرجه جماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16128شهر بن حوشب أنه القرآن، وقيل: هو الثناء بالخير على صالحي المؤمنين، وقيل: هو الدعاء الذي لا ظلم فيه، وقال الإمام وبه أقتدي: المختار أنه كل كلام هو ذكر الله تعالى أو هو لله سبحانه كالنصيحة والعلم، وأما ما أفاده كلام الملا صدرا في أسفاره من أنه النفوس الطاهرة الزكية فإنه تطلق الكلمة على النفس إذا كانت كذلك كما قال تعالى في
عيسى عليه السلام:
وكلمته ألقاها إلى مريم [النساء: 171] فلا ينبغي أن يعد في عداد أقوال المفسرين كما لا يخفى.
وصعود الكلم إليه تعالى مجاز مرسل عن قبوله بعلاقة اللزوم واستعارة بتشبيه القبول بالصعود، وجوز أن يجعل الكلم مجازا عما كتب فيه بعلاقة الحلول، أو يقدر مضاف أي إليه يصعد صحيفة الكلم الطيب، أو يشبه وجوده الخارجي هنا ثم الكتابي في السماء بالصعود ثم يطلق المشبه به على المشبه، ويشتق منه الفعل على ما هو المعروف في الاستعارة التبعية، وقيل: لا مانع من اعتبار حقيقة الصعود للكلم فلله تعالى تجسيد المعاني، وكون الصعود إليه عز وجل من المتشابه والكلام فيه شهير، والكلام بعد ذلك كناية عن قبوله والاعتناء بشأن صاحبه، وتقديم الجار والمجرور لإفادة الحصر.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود رضي الله تعالى عنه
والسلمي وإبراهيم «يصعد» من أصعد «الكلام الطيب» بالنصب، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك «يصعد» بضم الياء ولم يذكر مبنيا للفاعل ولا مبنيا للمفعول ولا إعراب ما بعده، وفي الكشاف وقرئ «إليه يصعد الكلم الطيب» على البناء للمفعول و «إليه يصعد الكلم الطيب» من أصعد والمصعد هو الرجل أي يصعد إلى الله عز وجل الكلم الطيب، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما
إليه يصعد من صعد الكلام بالرفع.
والعمل الصالح يرفعه مبتدأ وخبر على المشهور، واختلف في فاعل (يرفع) فقيل ضمير يعود على العمل
[ ص: 175 ] الصالح، وضمير النصب يعود على
الكلم أي والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك وشهر بن حوشب على ما أخرجه عنه
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور وغيره.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في (الأسماء والصفات) عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه فسر العمل الصالح بأداء الفرائض ثم قال: فمن ذكر الله تعالى وأدى فرائضه حمل عمله ذكر الله تعالى فصعد به إلى الله تعالى، ومن ذكر الله تعالى ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله وكان عمله أولى به، وتعقب ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية فقال: هذا قول يرد معتقد
أهل السنة ولا يصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، والحق أن
العاصي بترك فرائضه إذا ذكر الله تعالى وقال كلاما طيبا كتب له ذلك وتقبل منه، وعليه وزر ترك الفرائض، والله تعالى يتقبل من كل من اتقى الشرك، انتهى.
ولعل المراد برفع العمل الصالح الكلم الطيب رفع قدره وجعله بحيث يترتب عليه من الثواب ما لم يترتب عليه إذا كان بلا عمل، وحديث
لا يقبل الله قولا إلا بعمل، ولا يقبل قولا وعملا إلا بنية، ولا يقبل قولا وعملا ونية إلا بإصابة السنة، المذكور في الكشاف لا أظن صحته، وقيل: إنه لو سلم صحته فالمراد نفي القبول التام، ويجوز أن يكون المراد برفعه إياه تحقيقه وتقويته وذلك باعتبار أن الكلام الطيب هو الإيمان، فإنه لا شك أن العمل الصالح يثبت الإيمان ويحققه بإظهار آثاره إذ به يعلم التصديق القلبي، وقيل: الفاعل ضمير يعود على الكلم الطيب وضمير النصب يعود على العمل الصالح، أي يرفع الكلم الطيب العمل الصالح.
ونسب
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان هذا القول إلى
أبي صالح وشهر بن حوشب ، وأيد بقراءة
عيسى nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة «والعمل الصالح» بالنصب على الاشتغال، وفيه بحث لعدم تعين ضمير
الكلم للفاعلية عليها، ومعنى رفع الكلم الطيب العمل الصالح قيل إن يزيده بهجة وحسنا.
ومن فسر الكلم الطيب بالتوحيد قال: معنى ذلك جعله مقبولا فإن العمل لا يقبل إلا بالتوحيد، وقيل: الفاعل ضميره تعالى وضمير النصب يعود على العمل، وأخرج ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، أي والعمل الصالح يرفعه الله تعالى ويقبله، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : هذا أرجح الأقوال عندي، وقيل: ضمير الفاعل يعود على العمل، وكذا الضمير المنصوب والكلام على حذف مضاف، أي والعمل الصالح يرفع عامله ويشرفه، ونسب ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ثم قال: ويجوز عندي أن يكون ( العمل ) معطوفا على
الكلم ويرفعه استئناف إخبار، أي يرفعهما الله تعالى، ووحد الضمير لاشتراكهما في الصعود، والضمير قد يجري مجرى اسم الإشارة فيكون لفظه مفردا والمراد به التثنية فكأنه قيل: ليس صعودهما من ذاتهما بل ذلك برفع الله تعالى إياهما اه، وهو خلاف الظاهر جدا، ومثله ما نسبه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وأنا لا أظن صحة نسبته إليه، وعلى التسليم يحتمل أنه رضي الله تعالى عنه أراد بقوله العمل الصالح يرفع عامله ويشرفه بيان ما تشير إليه الآية في الجملة. والذي يتبادر إلى ذهني من الآية ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية .
وتخصيص العمل الصالح برفع الله تعالى إياه على ذلك قيل لما فيه من الكلفة والمشقة إذ هو الجهاد الأكبر، وظاهر هذا أن العمل أشرف من الكلام ولا كلام في ذلك إذا أريد بالعمل الصالح ما يشمل العمل القلبي كالتصديق، ولعل الكلام عليه نظير قوله تعالى:
ولما جاء موسى لميقاتنا [الأعراف: 143] وقوله سبحانه:
سبحان الذي أسرى بعبده [الإسراء: 1] وكلام الإمام صريح في أن الكلم الطيب المفسر بالذكر أشرف من العمل حيث جعل صعود الكلم بنفسه دليل ترجيحه على العمل الذي يرفعه غيره، وقال في وجه ذلك: الكلام شريف فإن امتياز الإنسان عن كل حيوان بالنطق والعمل حركة وسكونا يشترك فيه الإنسان وغيره، والشريف إذا وصل إلى باب الملك لا يمنع ومن دونه لا يجد الطريق إلا عند الطلب، ويدل على هذا أن الكافر إذا تكلم بكلمة الشهادة
[ ص: 176 ] أمن من عذاب الدارين إن كان ذلك عن صدق، وأمن في نفسه ودمه وحرمه في الدنيا إن كان ظاهرا ولا كذلك العمل بالجوارح، وأيضا أن القلب هو الأصل وما فيه لا يظهر إلا باللسان وما في اللسان لا يبين صدقه إلا بالفعل، فالقول أقرب إلى القلب من الفعل فيكون أشرف منه، اه، وفي القلب منه شيء فتدبر.
والذين يمكرون السيئات أي المكرات السيئات أو أصناف المكرات السيئات على أن ( السيئات ) صفة لمحذوف وليس مفعولا به ل يمكرون لأن مكر لازم، وجوز أن يكون مفعولا على تضمين يقصدون أو يكسبون، وعلى الأول فيه مبالغة للوعيد الشديد على قصد المكر أو هو إشارة إلى عدم تأثير مكرهم، والموصول مبتدأ وجملة قوله تعالى
لهم عذاب شديد خبره، أي لهم بسبب مكرهم عذاب شديد لا يقادر قدره ولا يعبأ بالنسبة إليه بما يمكرون.
والآية على ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبي العالية في الذين مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الندوة كما قال تعالى:
وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك [الأنفال: 30] والمضارع لحكاية الحال الماضية، ووضع اسم الإشارة موضع ضميرهم في قوله سبحانه
ومكر أولئك للإيذان بكمال تميزهم بما هم عليه من الشر والفساد عن سائر المفسدين واشتهارهم بذلك، وما فيه من معنى البعد للتنبيه على ترامي أمرهم في الطغيان وبعد منزلتهم في العدوان أي ومكر أولئك المفسدين المشهورين
هو يبور أي يفسد، وأصل البوار فرط الكساد أو الهلاك، فاستعير هنا للفساد عدم التأثير لأن فرط الكساد يؤدي إلى الفساد كما قيل كسد حتى فسد، أو لأن الكاسد يكسد في الغالب لفساده ولأن الهالك فاسد لا أثر له.
ومكر مبتدأ خبره جملة
هو يبور وتقديم الضمير للتقوى أو الاختصاص، أي مكرهم هو يفسد خاصة لا مكرنا بهم، وأجاز
nindex.php?page=showalam&ids=14183الحوفي nindex.php?page=showalam&ids=14803وأبو البقاء كون الخبر جملة
يبور وهو ضمير فصل. وتعقبه في البحر بأن ضمير الفصل لا يكون ما بعده فعلا ولم يذهب إلى ذلك أحد فيما علمنا إلا
عبد القاهر الجرجاني في شرح الإيضاح له فإنه أجاز في كان زيد هو يقوم أن يكون هو فصلا، ورد ذلك عليه.
وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء أيضا كون ( هو ) تأكيدا للمبتدأ، والظاهر ما قدمناه، وقد أبار الله تعالى أولئك الماكرين بعد إبارة مكرهم حيث أخرجهم من
مكة وقتلهم وأثبتهم في قليب بدر فجمع عليهم مكراتهم الثلاث التي اكتفوا في حقه عليه الصلاة والسلام بواحدة منهن وحقق عز وجل فيهم قوله سبحانه:
ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين [آل عمران : 54] وقوله تعالى:
ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله [فاطر: 43].
ووجه ارتباط الآية بما قبلها على ما ذكره شيخ الإسلام أنها بيان لحال الكلم الخبيث والعمل السيئ وأهلهما بعد بيان حال الكلم الطيب والعمل الصالح.
وقال في الكشف: كأنه لما حصر سبحانه العزة وخصها به تعالى يعطيها من يشاء وأرشد إلى نيل ما به ينال ذلك المطلوب ذكر على سبيل الاستطراد حال من أراد العزة من عند غيره عز وجل وأخذ في إهانة من أعزه الله تعالى فوق السماكين قدرا وما رجع إليهم من وبال ذلك كالاستشهاد لتلك الدعوى وهو خلاصة ما ذكره
الطيبي في وجه الانتظام، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير وشهر بن حوشب أن الآية في أصحاب الرياء وهي متصلة بما عندها على ما روي عن
شهر حيث قال:
والذين يمكرون السيئات أي يراؤون.
ومكر أولئك هو يبور هم أصحاب الرياء عملهم لا يصعد، وقال
الطيبي : إن الجملة على هذه الرواية عطف على جملة الشرط والجزاء أعني قوله تعالى:
من كان يريد العزة إلخ فيجب حينئذ مراعاة التطابق بين القرينتين والتقابل بين الفقرتين بحسب الإمكان بأن يقدر في كل منهما ما يحصل به التقابل بدلالة المذكور في الأولى على المتروك في الأخرى وبالعكس اه .
[ ص: 177 ]
ولا يخفى بعده، وأيا ما كان فالمضارع للاستمرار التجددي