سورة (يس)
صح من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وأبي داود
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني وغيرهم عن
معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=939266يس قلب القرآن، وعد ذلك أحد أسمائها، وبين حجة الإسلام
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي عليه الرحمة وجه إطلاق ذلك عليها بأن المدار على الإيمان وصحته بالاعتراف بالحشر والنشر وهو مقرر فيها على أبلغ وجه وأحسنه، ولذا شبهت بالقلب الذي به صحة البدن وقوامه، واستحسنه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11943الرازي، وأورده على ظاهره أن كل ما يجب الإيمان به لا يصح الإيمان بدونه، فلا وجه لاختصاص الحشر والنشر بذلك.
وأجيب بأن المراد بالصحة في كلام الحجة ما يقابل السقم والمرض ولا شك أن من صح إيمانه بالحشر يخاف من النار ويرغب في الجنة دار الأبرار، فيرتدع عن المعاصي التي هي كأسقام الإيمان إذ بها يختل ويضعف ويشتغل بالطاعات التي هي
[ ص: 209 ] كحفظ الصحة ومن لم يقو إيمانه به كان حاله على العكس فشابه الاعتراف به بالقلب الذي بصلاحه يصلح البدن وبفساده يفسد.
وجوز أن يقال وجه الشبه بالقلب أن به صلاح البدن وفساده، وهو غير مشاهد في الحس، وهو محل لانكشاف الحقائق والأمور الخفية، وكذا الحشر من المغيبات، وفيه يكون انكشاف الأمور والوقوف على حقائق المقدور، وبملاحظته وإصلاح أسبابه تكون السعادة الأبدية، وبالإعراض عنه وإفساد أسبابه يبتلى بالشقاوة السرمدية.
وفي الكشف لعل الإشارة النبوة في تسمية هذه السورة قلبا، وقلب كل شيء لبه وأصله الذي ما سواه إما من مقدماته وإما من متمماته إلى ما أسفلناه في تسمية الفاتحة بأم القرآن من أن المقصود من إرسال الرسل وإنزال الكتب إرشاد العباد إلى غايتهم الكمالية في المعاد، وذلك بالتحقق والتخلق المذكورين هنالك وهو المعبر عنه بسلوك الصراط المستقيم، ومدار هذه السورة الكريمة على بيان ذلك أتم بيان اه.
ويعلم منه وجه اختصاص الحشر بما ذكر في كلام الحجة فلا وجه لقول البعض في الاعتراض عليه فلا وجه الخ، وسيأتي إن شاء الله تعالى آخر الكلام في تفسير السورة الإشارة إلى ما اشتملت عليه من أمهات علم الأصول والمسائل المعتبرة بين الفحول وتقريرها إياها بأبلغ وجه وأتمه، ولعل هذا هو السر في الأمر الوارد في صحيح الأخبار بقراءتها على الموتى، أي المحتضرين.
وتسمى أيضا العظيمة عند الله تعالى، أخرج
أبو نصر السجزي في الإبانة وحسنه عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها قالت:
«قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في القرآن لسورة تدعى العظيمة عند الله تعالى ويدعى صاحبها الشريف عند الله تعالى يشفع صاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر وهي سورة يس وذكر أنها تسمى أيضا المعمة والمدافعة القاضية» .
أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن
حسان بن عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«سورة يس تدعى في التوراة المعمة تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة وتكابد عنه بلوى الدنيا والآخرة وتدفع عنه أهاويل الدنيا والآخرة، وتدعى المدافعة القاضية تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضي له كل حاجة» الخبر. وتعقبه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي فقال: تفرد به
محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني عن
سليمان بن دفاع وهو منكر.
وهي على ما أخرج
ابن الضريس والنحاس nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مكية، واستثنى منها بعضهم قوله تعالى:
إنا نحن نحيي الموتى الآية، مدعيا أنها نزلت
بالمدينة nindex.php?page=hadith&LINKID=694884لما أراد بنو سلمة النقلة إلى قرب مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا في ناحية المدينة ، فقال عليه الصلاة والسلام: «إن آثاركم تكتب» فلم ينتقلوا، وسيأتي إن شاء الله تعالى ما قيل في ذلك، وقوله سبحانه:
وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله الآية، لأنها نزلت في المنافقين فتكون مدنية، وتعقب بأنه لا صحة له.
وآيها ثلاث وثمانون آية في الكوفي واثنتان وثمانون في غيره.
وجاء مما يشهد بفضلها وعلو شأنها عدة أخبار وآثار وقد مر آنفا بعض ذلك، وصح من حديث
معقل بن يسار :
nindex.php?page=hadith&LINKID=700260لا يقرؤوها عبد يريد الله تعالى والدار الآخرة إلا غفر له ما تقدم من ذنبه.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=14274والدارمي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=712084«من قرأ يس كتب الله تعالى له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات»، ولا يلزم من هذا تفضيل الشيء على نفسه، إذ المراد بقراءة القرآن قراءته دون يس، وقال
الخفاجي : لا يلزم ذلك إذ يكفي في صحة التفضيل المذكور التغاير الاعتباري فإن يس من حيث تلاوتها فردة غير كونها
[ ص: 210 ] مقروءة في جملته، كما إذا قلت: الحسناء في الحلة الحمراء أحسن منها في البيضاء، وقد يكون للشيء مفردا ما ليس له مجموعا مع غيره، كما يشاهد في بعض الأدوية، ورجا أن يكون أقرب مما قدمنا وأنا لا أرجو ذلك، والظاهر أنه يكتب له الثواب المذكور مضاعفا، أي كل حرف بعشرة حسنات ولا بدع في تفضيل العمل القليل على الكثير فلله تعالى أن يمن بما شاء على من شاء، ألا ترى ما صح أن هذه الأمة أقصر الأمم أعمارا وأكثرها ثوابا وأنكر الخصوصيات مكابرة، ولله تعالى در من قال:
فإن تفق الأنام وأنت منهم فإن المسك بعض دم الغزال
وذكر بعضهم أن من قرأها أعطي من الأجر كمن قرأ القرآن اثنتين وعشرين مرة.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في (شعب الإيمان) عن
أبي قلابة - وهو من كبار التابعين- أن من قرأها فكأنما قرأ القرآن إحدى عشرة مرة.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد أنه قال من قرأ يس مرة فكأنما قرأ القرآن مرتين.
وحديث العشر مرفوع عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومعقل بن يسار وعقبة بن عامر nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس رضي الله تعالى عنهم فعليه المعول، ووجه اتصالها بما قبلها على ما قاله
الجلال السيوطي أنه لما ذكر في سورة [فاطر: 37، 42] قوله سبحانه:
وجاءكم النذير وقوله تعالى:
وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير إلى قوله سبحانه:
فلما جاءهم نذير وأريد به
محمد صلى الله عليه وسلم وقد أعرضوا عنه وكذبوه افتتح هذه السورة بالإقسام على صحة رسالته عليه الصلاة والسلام وأنه على صراط مستقيم لينذر قوما ما أنذر آباؤهم، وقال سبحانه في [فاطر: 13]
وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل وفي هذه السورة
والشمس تجري لمستقر لها ،
والقمر قدرناه منازل [يس: 38] إلى غير ذلك ولا يخفى أن أمر المناسبة يتم على تفسير النذير بغيره صلى الله عليه وسلم أيضا، فتأمل.
بسم الله الرحمن الرحيم
يس الكلام فيه كالكلام في ( الم ) ونحوه من الحروف المقطعة في أوائل السور إعرابا ومعنى عند كثير، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم من طرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال: يس يا إنسان، وفي رواية أخرى عنه زيادة بالحبشية وفي أخرى عنه أيضا في لغة
طيئ .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إن صح هذا فوجهه أن يكون أصله يا أنيسين فكثر النداء به على ألسنتهم حتى اقتصروا على شطره، كما في القسم م الله في ايمن الله، وتعقبه
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان بأن المنقول عن
العرب في تصغير إنسان أنيسيان بياء قبل الألف وهو دليل على أن الإنسان من النسيان، وأصله أنسيان فلما صغر رده التصغير إلى أصله ولا نعلمهم قالوا في تصغيره أنيسين، وعلى تقدير أنه بقية أنيسين فلا يجوز ذلك إلا أن يبنى على الضم ولا يبقى موقوفا لأنه منادى مقبل عليه، ومع ذلك لا يجوز التصغير في أسماء الأنبياء عليهم السلام كما لا يجوز في أسماء الله عز وجل، وما ذكره في (م) من أنه شطر ايمن قول، ومن النحويين من يقول (م) حرف قسم وليس شطر ايمن، انتهى.
قال
الخفاجي : لزوم البناء على الضم مما لا كلام فيه فلعل من فسره بذلك يقرؤه بالضم على الأوجه فيه، وأما الاعتراضان الآخران فلا ورود لهما أصلا، فأما الأول فلأن من يقول أنيسيان على خلاف القياس، وهو الأصح لا يلزمه فيما غير منه أن يقدره كذلك وهو لم يلفظ به حتى يقال له: إنك نطقت بما لم تنطق به
العرب بل هو أمر تقديري، فإذا قال: المقدر مفروض عندي على القياس هل يتوجه عليه السؤال، وأما الأخير فلأن
[ ص: 211 ] التصغير في نحو ذلك إنما يمتنع منا، وأما من الله تعالى فله سبحانه أن يطلق على نفسه عز وجل وعظماء خلقه ما أراد ويحمل حينئذ على ما يليق كالتعظيم والتحبيب ونحوه من معاني التصغير، كما قال
ابن الفارض: ما قلت حبيبي من التحقير بل يعذب اسم الشيء بالتصغير
والذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان في توجيه ذلك أنهم يقولون إيسان بمعنى إنسان ويجمعون على أياسين فهذا منه، ولا يخفى أنه يحتاج إلى إثبات، وبعده لا يخفى ما في التخريج عليه.
وقالت فرقة: يا حرف نداء، والسين مقامة مقام إنسان انتزع منه حرف فأقيم مقامه، ونظيره ما جاء في الحديث «كفى بالسيف شا» أي شاهدا، وأيد بما ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في (حم) ، (عسق) ونحوه من أنها حروف من جملة أسماء له تعالى وهي رحيم وعليم وسميع وقدير ونحو ذلك، وظاهر كلام بعضهم
كابن جبير أن (يس) بمجموعه اسم من أسمائه عليه الصلاة والسلام وهو ظاهر قول
السيد الحميري: يا نفس لا تمحضي بالود جاهدة على المودة إلا آل ياسينا
ولتسميته صلى الله عليه وسلم بهذين الحرفين الجليلين سر جليل عند الواقفين على أسرار الحروف، وقد تكلمت ولله تعالى الحمد فيما تعلق بهذه الكلمة الشريفة ثلاثة أيام أشرع كل يوم منها بعد العصر وأختم قبيل المغرب، وذلك في مجلس وعظي في المسجد الجامع
الداودي ، واليوم لا أستطيع أن أذكر من ذاك بنت شفة بل لا أتذكر منه إلا رسما هب عليه عاصف الزمان الغشوم فنسفه فحسبي الله عمن سواه فلا رب غيره ولا يرجى إلا خيره.
وقرئ بفتح الياء وإمالتها محضا وبين بين، وقرأ جمع بسكون النون مدغمة في الواو، وآخرون بسكونها مظهرة والقراءتان سبعيتان، وقرأ
ابن أبي إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16747وعيسى بفتح النون، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم قياس قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أنه قسم أن يكون على حد (الله لأفعلن) بالنصب، ويجوز أن يكون مجرورا بإضمار باء القسم وهو ممنوع من الصرف، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : النصب على تقدير اتل يس، وهذا على قول
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أنه اسم للسورة، وقيل هو مبني والتحريك للجد في الهرب من التقاء الساكنين والفتح للخفة كما في أين، وسبب البناء غير خفي عليك إذا أحطت خبرا بما قرروا في «الم» أول سورة البقرة، ولا تغفل عما قالوا في النصب بإضمار فعل القسم من أنه لا يسوغ لما فيه من جمع قسمين على مقسم عليه واحد وهو مستكره، ولا سبيل إلى جعل الواو بعد للعطف لا للقسم لمكان الاختلاف إعرابا.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي بضم النون وخرج على أنه منادى مقصود بناء على أنه بمعنى إنسان أو على أنه خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره محذوف، ويقدر هذه إذا كان اسما للسورة وهذا إن كان اسما للقرآن، وهو يطلق على البعض كما يطلق على الكل، وجعله مبتدأ محذوف الخبر وهو قسم، أي يس قسمي نحو أمانة الله لأفعلن بالرفع لا يخفى حاله، وقيل الضمة فيه ضمة بناء كما في حيث.
وقرأ
أبو السمال وابن أبي إسحاق أيضا بكسرها، وخرج على أنه للجد في الهرب عن الساكنين بما هو الأصلي، فتأمل وتذكر.