صفحة جزء
قالوا لما ضاقت عليهم الحيل وعييت بهم العلل إنا تطيرنا بكم أي تشاءمنا بكم جريا على ديدن الجهلة حيث يتيمنون بكل ما يوافق شهواتهم وإن كان مستجلبا لكل شر ويتشاءمون بما لا يوافقها، وإن كان مستتبعا لكل خير أو بناء على أن الدعوة لا تخلو عن الوعيد بما يكرهونه من إصابة ضر إن لم يؤمنوا، فكانوا ينفرون عنه، وقد قال مقاتل : إنه حبس عنهم المطر، وقال آخر: أسرع فيهم الجذام عند تكذيبهم الرسل عليهم السلام، وقال ابن عطية : إن تطير هؤلاء كان بسبب ما دخل فيهم من اختلاف الكلمة وافتتان الناس.

وأصل التطير التفاؤل بالطير البارح والسانح ثم عم، وكان مناط التطير بهم مقالتهم كما يشعر به قوله تعالى: لئن لم تنتهوا أي عن مقالتكم هذه.

لنرجمنكم بالحجارة، قاله قتادة وذكر فيه احتمالان احتمال أن يكون الرجم للقتل أي لنقتلنكم بالرجم بالحجارة، واحتمال أن يكون للأذى أي لنؤذينكم بذلك، وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد أنه قال: أي لنشتمنكم، ثم قال: والرجم في القرآن كله الشتم.

وليمسنكم منا عذاب أليم قال في البحر: وهو الحريق، وقيل عذاب غيره تبقى معه الحياة، والمراد لنقتلنكم بالحجارة أو لنعذبنكم إذا لم نقتلكم عذابا أليما لا يقادر قدره تتمنون معه القتل، وقيل: أريد بالعذاب الأليم العذاب الروحاني وأريد بالرجم بالحجارة النوع المخصوص من الأذى الجسماني، فكأنهم قد رددوا الأمر بين إيذاء جسماني وإيذاء روحاني، وقيل: أريد بالعذاب الأليم الجسماني وبالرجم العذاب والأذى الروحاني بناء على أن المراد به الشتم، وقيل غير ذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية