وقوله - تعالى - :
إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون على تقدير كون الخطاب السابق خاصا بالكفرة من جملة ما سيقال لهم يومئذ زيادة لحسرتهم وندامتهم فإن الإخبار بحسن حال أعدائهم أثر بيان سوء حالهم مما يزيدهم مساءة على مساءة وفي حكاية ذلك مزجرة لهؤلاء الكفرة عما هم عليه ومدعاة إلى الاقتداء بسيرة المؤمنين، وعلى تقدير كونه عاما ابتداء كلام وأخبار لنا بما يكون في يوم القيامة إذا صار كل إلى ما أعد لهم من الثواب والعقاب، والشغل هو الشأن الذي يصد المرء ويشغله عما سواه من شؤونه لكونه أهم عنده من الكل إما لإيجابه كمال المسرة أو كمال المساءة والمراد هاهنا هو الأول، وتنكيره للتعظيم كأنه شغل لا يدرك كنهه، والمراد به ما هم فيه من النعيم الذي شغلهم عن كل ما يخطر بالبال، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة هو افتضاض الأبكار وهو المروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق رضي الله تعالى عنه، وفي رواية أخرى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ضرب الأوتار، وقيل السماع، وروي عن
وكيع وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13471ابن كيسان التزاور، وقيل ضيافة الله تعالى وهي يوم الجمعة في الفردوس الأعلى عند كثيب المسك وهناك يتجلى سبحانه لهم فيرونه جل شأنه جميعا، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن نعيم شغلهم عما فيه أهل النار من العذاب، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15097الكلبي شغلهم عن أهاليهم من أهل النار لا يذكرونهم لئلا يتنغصوا، ولعل التعميم أولى.
وليس مراد أهل هذه الأقوال بذلك حصر شغلهم فيما ذكروه فقط بل بيان أنه من جملة أشغالهم، وتخصيص كل منهم كلا من تلك الأمور بالذكر محمول على اقتضاء مقام البيان إياه، وأفرد الشغل باعتبار أنه نعيم وهو واحد بهذا الاعتبار، والجار مع مجروره متعلق بمحذوف وقع خبرا لأن "وفاكهون " خبر ثان لها وجوز أن يكون هو الخبر و
في شغل متعلق به أو حال من ضميره والمراد بـ "فاكهون" على ما أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فرحون، وأخرجوا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أن المعنى يتعجبون بما هم فيه.
وقال
أبو زيد : الفاكه الطيب النفس الضحوك ولم يسمع له فعل من الثلاثي، وقال
أبو مسلم: إنه مأخوذ من الفكاهة بالضم وهي التحدث بما يسر، وقيل: التمتع والتلذذ قيل:
فاكهون ذوو فاكهة نحو لابن وتامر.
وظاهر صنيع
أبي حيان اختياره، والتعبير عن حالهم هذه بالجملة الاسمية قبل تحققها لتنزيل المترقب المترفع منزلة الواقع للإيذان بغاية سرعة تحققها ووقوعها، وفيه على تقدير خصوص الخطاب زيادة لمساءة المخاطبين.
وقرأ
الحرميان nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو "شغل" بضم الشين وسكون الغين وهي لغة في شغل بضمتين للحجازيين كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء .
[ ص: 35 ] وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وأبو السمال وابن هبيرة فيما نقل عنه
ابن خالويه بفتحتين،
ويزيد النحوي وابن هبيرة أيضا فيما نقل عنه
أبو الفضل الرازي بفتح الشين وإسكان الغين وهما لغتان أيضا فيه.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة وأبو حيوة nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد وشيبة nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء ويحيى بن صبيح nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع في رواية "فكهون" جمع فكه كحذر وحذرون وهو صفة مشبهة تدل على المبالغة والثبوت، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش "فاكهين" بالألف وبالياء نصبا على الحال " وفي شغل " هو الخبر، وقرئ "فكهين" بغير ألف وبالياء كذلك، وقرئ "فكهون" بفتح الفاء وضم الكاف وفعل بضم العين من أوزان الصفة المشبهة كنطس وهو الحاذق الدقيق النظر الصادق الفراسة،