وقوله - تعالى - :
أوليس الذي خلق السماوات والأرض ... إلخ استئناف مسوق من جهته تعالى لتحقيق مضمون الجواب الذي أمر صلى الله عليه وسلم أن يخاطبهم به ويلزمهم الحجة، والهمزة للإنكار والنفي والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام أي أليس الذي أنشاها أول مرة وليس الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا وليس الذي خلق السماوات والأرض مع كبر جرمهما وعظم شأنهما
بقادر على أن يخلق مثلهم في الصغر والحقارة بالنسبة إليهما على أن المراد بمثلهم هم وأمثالهم أو على أن المراد به هم أنفسهم بطريق الكناية كما في مثلك يفعل كذا، وقال بعضهم: مثلهم في أصول الذات وصفاتها وهو المعاد، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - تفصيل الكلام في هذا المقام، وزعم جماعة من المفسرين عود ضمير
مثلهم للسماوات والأرض لشمولهما لمن فيهما من العقلاء؛ فلذا كان ضمير العقلاء تغليبا والمقصود بالكلام دفع توهم قدم العالم المقتضي لعدم إمكان إعادته، وهو تكلف ومخالف للظاهر، والمشركون لا يقولون بقدم العالم فيما يظهر. وتعقب أيضا بأن قدم العالم لو فرض مع قدم النوع الإنساني وعدم تناهي أفراده في جانب المبدأ لا يأبى الحشر الجسماني؛ إذ هو بالنسبة إلى المكلفين وهم متناهون. وزعم أن ما ثبت قدمه استحال عدمه غير تام كما قرر في محله فلا تغفل! وقرأ
الجحدري وابن أبي إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وسلام nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب في رواية "يقدر" بفتح الياء وسكون القاف فعلا مضارعا.
بلى جواب من جهته تعالى وتصريح بما أفاده الاستفهام الإنكاري من تقرير ما بعد النفي من القدرة على الخلق وإيذان بتعيينه للجواب نطقوا به أو تلعثموا فيه مخافة الالتزام، وقوله - تعالى - :
وهو الخلاق العليم عطف على ما يفيده الإيجاب أي بلى هو سبحانه قادر على ذلك وهو - جل وعلا - المبالغ في الخلق والعلم كيفا وكما.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن والجحدري
nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي nindex.php?page=showalam&ids=16871ومالك بن دينار "الخالق" بزنة الفاعل