فاستفتهم أي فاستخبرهم، وأصل الاستفتاء الاستخبار عن أمر حدث، ومنه الفتى لحداثة سنه، والضمير لمشركي
مكة ، قيل: والآية نزلت في
أبي الأشد بن كلدة الجمحي وكني بذلك لشدة بطشه وقوته واسمه
أسيد، والفاء فصيحة أي إذا كان لنا من المخلوقات ما سمعت أو إذا عرفت ما مر فاستخبر مشركي
مكة واسألهم على سبيل التبكيت
أهم أشد خلقا أي أقوى خلقة وأمتن بنية أو أصعب خلقا وأشق إيجادا
أم من خلقنا من الملائكة والسماوات والأرض وما بينهما والمشارق والكواكب والشياطين والشهب الثواقب. وتعريف الموصول عهدي أشير به إلى ما تقدم صراحة ودلالة وغلب العقلاء على غيرهم والاستفهام تقريري، وجوز أن يكون إنكاريا، وفي مصحف
عبد الله "أم من عددنا" وهو مؤيد لدعوى العهد بل قاطع بها. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش "أمن" بتخفيف الميم دون "أم" جعله استفهاما ثانيا تقريريا فـ"من" مبتدأ خبره محذوف أي: أمن خلقنا أشد؟
إنا خلقناهم من طين لازب أي ملتصق كما أخرج ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وجماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وفي رواية أخرى بلفظ ملتزق وبه أجاب
ابن الأزرق وأنشد له قول
nindex.php?page=showalam&ids=8572النابغة: فلا تحسبون الخير لا شر بعده ولا تحسبون الشر ضربة لازب
قيل: والمراد ملتزق بعضه ببعض، وبذلك فسره
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود كما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم ويرجع إلى حسن العجن جيد التخمير، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة أنه يلزق باليد إذا مس بها، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : خلق
آدم من تراب وماء وهواء ونار، وهذا كله إذا خلط صار طينا لازبا يلزم ما جاوره، واللازب عليه بمعنى اللازم وهو قريب مما تقدم، وقد قرئ "لازم" بالميم بدل الباء و "لاتب" بالتاء بدل الزاي والمعنى واحد. وحكي في
[ ص: 76 ] البحر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه عبر عن اللازب بالحر أي الكريم الجيد، وفي رواية أنه قال: اللازب الجيد.
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد أنه قال: لازب أي لازم منتن، ولعل وصفه بمنتن مأخوذ من قوله تعالى
من حمإ مسنون لكن أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال: اللازب والحمأ والطين واحد كان أوله ترابا ثم صار حمأ منتنا ثم صار طينا لازبا فخلق الله تعالى منه
آدم عليه السلام.
وأيا ما كان فخلقهم من طين لازب إما شهادة عليهم بالضعف والرخاوة، لأن ما يصنع من الطين غير موصوف بالصلابة والقوة، أو احتجاج عليهم في أمر البعث بأن الطين اللازب الذي خلقوا منه في ضمن خلق أبيهم
آدم - عليه السلام - تراب، فمن أين استنكروا أن يخلقوا منه مرة ثانية حيث قالوا
أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون ويعضد هذا - على ما في الكشاف - ما يتلوه من ذكر إنكارهم البعث.