قوله - تعالى - :
ما لكم لا تناصرون أي لا ينصر بعضكم بعضا، والخطاب لهم وآلهتهم أو لهم فقط، أي: ما لكم لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم تزعمون في الدنيا، فقد روي أن
أبا جهل قال يوم
بدر: نحن جميع منتصر، وتأخير هذا السؤال إلى ذلك الوقت لأنه وقت تنجيز العذاب، وشدة الحاجة إلى النصرة وحالة انقطاع الرجاء والتقريع والتوبيخ حينئذ أشد وقعا وتأثيرا، وقيل: السؤال عن هذا في موقف المحاسبة بعد استيفاء حسابهم، والأمر بهدايتهم إلى الجحيم كأن الملائكة - عليهم السلام - لما أمروا بهدايتهم إلى النار وتوجيههم إليها سارعوا إلى ما أمروا به، فقيل لهم: قفوهم إنهم مسؤولون، والذي يترجح عندي أن الأمر بهدايتهم إلى الجحيم إنما هو بعد إقامة الحجة عليهم وقطع أعذارهم وذلك بعد محاسبتهم، وعطف (اهدوهم) على (احشروا) بالفاء
[ ص: 81 ] إشارة إلى سرعة وقوع حسابهم، وسؤالهم: ما لكم لا تناصرون؟ الأليق أن يكون بعد تحقق ما يقتضي التناصر وليس ذلك إلا بعد الحساب والأمر بهم إلى النار، فلعل الوقف لهذا السؤال في ابتداء توجههم إلى النار، والله تعالى أعلم. وقرأ
عيسى "أنهم" بفتح الهمزة بتقدير "لأنهم"، وقرأ
البزي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير "لا تتناصرون" بتاءين بلا إدغام، وقرئ بإدغام إحداهما في الأخرى.