وقوله تعالى:
فواكه بدل من
رزق بدل كل من كل، وفيه تنبيه على أنه - مع تميزه بخواصه - كله فواكه، أو خبر مبتدأ محذوف والجملة مستأنفة أي ذلك الرزق فواكه والمراد بها ما يؤكل لمجرد التلذذ دون الاقتيات وجميع ما يأكله أهل الجنة كذلك حتى اللحم لكونهم مستغنين عن القوت لإحكام خلقتهم وعدم تحلل شيء من أبدانهم بالحرارة الغريزية ليحتاجوا إلى بدل يحصل من القوت، فالمراد بالفاكهة هنا غير ما أريد بها في قوله تعالى
وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وهي هناك بالمعنى المعروف فلا منافاة. وجوز أن يكون عطف بيان للرزق المعلوم، فوجه الاختصاص ما علم به من بين الأرزاق أنه فواكه، وقيل هو بدل بعض من كل، وتخصيصها بالذكر لأنها من أتباع سائر الأطعمة فتدل على تحقق غيرها.
وهم مكرمون عند الله تعالى لا يلحقهم هوان، وذلك أعظم المثوبات وأليقها بأولي الهمم، ولعل هذا إشارة إلى النعيم الروحاني بعد النعيم الجسماني الذي هو بواسطة الأكل.
وقيل: مكرمون في نيل الرزق حيث يصل إليهم من غير كسب وكد وسؤال كما هو شأن أرزاق الدنيا.
وقرئ "مكرمون" بالتشديد
في جنات النعيم أي في جنات ليس فيها إلا النعيم على أن الإضافة على معنى لام الاختصاص المفيدة للحصر. والظرف متعلق بـ "مكرمون" أو بـ "معلوم" أو بمحذوف حال من المستكن في
مكرمون أو خبر ثان لأولئك أو "لهم" وقوله تعالى:
على سرر يحتمل أن يكون حالا من المستكن في
مكرمون أو في الظرف قبله وأن يكون خبرا، فيكون قوله سبحانه
متقابلين حالا من المستكن فيه أو في
مكرمون أو في الظرف أعني
في جنات وأن يتعلق بمتقابلين فيكون حالا من المستكن في غيره.
وأشير بتقابلهم إلى استئناس بعضهم ببعض، فبعضهم يقابل بعضا للاستئناس والمحادثة. وفي بعض الأحاديث أنه ترفع عنهم الستور أحيانا فينظر بعضهم إلى بعض، وقرأ
أبو السمال "سرر" بفتح الراء وهي لغة بعض
تميم وكلب يفتحون ما كان جمعا على فعل من المضعف إذا كان اسما، واختلف النحويون في الصفة؛ فمنهم من قاسها على الاسم ففتح فيقول "ذلل" بفتح اللام على تلك اللغة. ومنهم من خص ذلك بالاسم وهو مورد السماع.