قال أي ذلك القائل الذي كان قرينا لجلسائه بعد ما حكى لهم مقالة قرينه له في الدنيا
هل أنتم مطلعون على أهل النار لأريكم ذلك القرين الذي قال لي ما حكيت لكم، والمراد من الاستفهام العرض أو الأمر على ما قيل، والغرض من ذلك إراءتهم سوء حال القرين ليؤنسهم نوع إيناس، وقيل: يريد بذلك بيان صدقه فيما حكاه، ولا يخفى أن ظن الكذب في غاية البعد، واطلاع أهل الجنة على أهل النار ومعرفة من فيها مع ما بينهما من التباعد غير بعيد؛ بأن يخلق الله تعالى فيهم حدة نظر ويعرفهم من أرادوا الاطلاع عليه، ولعلهم إذا أرادوا ذلك وقفوا
[ ص: 92 ] على الأعراف فاطلعوا على من أرادوا من أهل النار، وقيل: إن لهم طاقات في الجنة ينظرون منها من علو إلى أهل النار، وعلم القائل بأن القرين من أهل النار لعلمه بأنه كان ينكر البعث، ومنكره منهم قطعا، والأصل بقاؤه على الكفر وقيل: علم ذلك بإخبار الملائكة - عليهم السلام - إياه، وقيل: قائل
هل أنتم إلخ هو الله تعالى أو بعض الملائكة - عليهم السلام - يقول للمتحادثين من أهل الجنة هل تحبون أن تطلعوا على أهل النار لأريكم ذلك القرين فتعلموا أين منزلتكم من منزلتهم؟ وقيل: القائل من كان له قرين والمخاطبون بـ"أنتم" الملائكة - عليهم السلام - وفي الكلام حذف كأنه قيل: فقال لهذا القائل حاضروه من الملائكة قرينك هذا يعذب في النار، فقال للملائكة الذين أخبروه: هل أنتم مطلعون ولا يخفى ما فيه.