وقوله تعالى:
إنه من عبادنا المؤمنين [ ص: 133 ] الكلام فيه كما تقدم.
وبشرناه بإسحاق نبيا حال من
إسحاق، وكذا قوله تعالى
من الصالحين وفي ذلك تعظيم شأن الصلاح، وفي تأخيره إيماء إلى أنه الغاية لها لتضمنها معنى الكمال والتكميل والمقصود منهما الإتيان بالأفعال الحسنة السديدة وهو في الاستعمال يختص بها.
وجوز كون (من الصالحين) حالا، وكون (نبيا) حالا من الضمير المستتر فيه، وقدم في اللفظ للاهتمام، ولئلا تختل رءوس الآي، وفيه من البعد ما فيه، على أن في جواز تقديم الحال مطلقا أو اطراده في مثل هذا التركيب كلاما لا يخفى على من راجع الألفية وشروحها، وفيه ما فيه من بعد، وجوز أيضا كونه في موضع الصفة لـ"نبيا"، والكلام على الأول - وهو الذي عليه الجمهور - أمدح كما لا يخفى، والمراد كونه نبيا وكونه من الصالحين في قضاء الله تعالى وتقديره أي مقضيا كونه نبيا مقضيا كونه من الصالحين، وإن شئت فقل: مقدرا، ولا يكونان بذلك من الحال المقدرة التي تذكر في مقابلة المقارنة؛ بل هما بهذا الاعتبار حالان مقارنان للعامل وهو فعل البشارة، أو شيء آخر محذوف أي بشرناه بوجود
إسحاق نبيا... إلخ، وأوجب غير واحد تقدير ذلك معللا بأن البشارة لا تتعلق بالأعيان بل بالمعاني. وتعقب بأنه إن أريد أنها لا تستعمل إلا متعلقة بالأعيان فالواقع خلافه كـ
بشر أحدهم بالأنثى ، فإن قيل إنما يصح بتقدير ولادة ونحوه من المعاني فهو محل النزاع فلا وجه له، والذي يميل إليه القلب أن المعنى على إرادة ذلك، وربما يدعى أن معنى البشارة تستدعي تقدير معنى من المعاني، وقيل هما حالان مقدران كقوله تعالى
فادخلوها خالدين وفيه بحث.