يا أهل الكتاب خطاب لليهود والنصارى
لم تحاجون في إبراهيم أي تنازعون وتجادلون فيه ويدعي كل منكم أنه عليه السلام كان على دينه، أخرج
ابن إسحق nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال:
«اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنازعوا عنده، فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم إلا يهوديا، وقالت النصارى: ما كان إبراهيم إلا نصرانيا فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية»، والظرف الأول متعلق بما بعده وكذا الثاني، وما استفهامية، والغرض الإنكار والتعجب عند السمين، وحذفت ألفها لما دخل الجار للفرق بينها وبين الموصولة، والكلام على حذف مضاف، أي دين
إبراهيم أو شريعته لأن الذوات لا مجادلة فيها
وما أنزلت التوراة على
موسى عليه السلام
والإنجيل على
عيسى عليه السلام
إلا من بعده حيث كان بينه وبين
موسى عليهما السلام خمسمائة وخمس وستون سنة، وقيل: سبعمائة، وقيل: ألف سنة، وبين
موسى وعيسى عليهما السلام ألف وتسعمائة وخمس وعشرون سنة، وقيل: ألفا سنة، وهناك أقوال أخر.
أفلا تعقلون [ 65 ] الهمزة داخلة على مقدر هو المعطوف عليه بالعاطف المذكور على رأي، أي ألا تتفكرون فلا تعقلون بطلان قولكم أو أتقولون ذلك فلا تعقلون بطلانه، وهذا تجهيل لهم في تلك الدعوى وتحميق، وهو ظاهر إن كانوا قد ادعوا كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14589الشهاب إنه عليه السلام منهم حقيقة، وإن كان مدعاهم أن دين
إبراهيم يوافق دين
موسى أو دين
عيسى فهو يهودي أو نصراني بهذا المعنى، فتجهيلهم ونفي العقل عنهم بنزول التوراة والإنجيل بعده مشكل إلا أن يدعى بأن المراد أنه لو كان الأمر كذلك لما أوتي
موسى عليه السلام التوراة، ولا
عيسى عليه السلام الإنجيل بل كانا يؤمران بتبليغ صحف
إبراهيم، كذا قيل وأنت تعلم أن هذا لا يشفي الغليل إذ لقائل أن يقول: أي مانع من اتحاد الشريعة مع إنزال هذين الكتابين لغرض آخر غير بيان شريعة جديدة على أن الصحف لم تكن مشتملة على الأحكام بل كانت أمثالا ومواعظ كما جاء في الحديث، ثم ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14589الشهاب، وإن كان وجه التجهيل عليه ظاهرا، إلا أن صدور تلك الدعوى من أهل الكتاب في غاية البعد لأن القوم لم يكونوا بهذه المثابة من الجهالة، وفيهم أحبار اليهود ووفد
نجران، وقد ذكر أن الأخيرين كانت لهم شدة في البحث، فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
عبد الله بن الحرث الزبيدي أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" ليت بيني وبين أهل نجران حجابا فلا أراهم ولا يروني "، من شدة ما كانوا يمارون النبي صلى الله عليه وسلم اللهم
[ ص: 195 ] إلا أن يقال: إن الله تعالى أعمى بصائرهم في هذه الدعوى ليكونوا ضحكة لأطفال المؤمنين، أو أنهم قالوا ذلك على سبيل التعنت والعناد ليغيظ كل منهم صاحبه; أو ليوهموا بعض المؤمنين ظنا منهم أنهم لكونهم أميين غير مطلعين على تواريخ الأنبياء السالفين يزلزلهم مثل ذلك ففضحهم الله تعالى، أو أن القوم في حد ذاتهم جهلة لا يعلمون وإن كانوا أهل كتاب، وما ذكره
ابن الحرث لا يدل على علمهم كما لا يخفى، وقيل: إن مراد اليهود بقولهم: إن
إبراهيم عليه السلام كان يهوديا أنه كان مؤمنا
بموسى عليه السلام قبل بعثته على حد ما يقوله المسلمون في سائر المرسلين عليهم الصلاة والسلام من أنهم كانوا مؤمنين بنبينا صلى الله عليه وسلم قبل بعثته كما يدل عليه تبشيرهم به، وأن مراد النصارى بقولهم: إن
إبراهيم كان نصرانيا نحو ذلك فرد الله تعالى عليهم بقوله سبحانه:
وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أي ومن شأن المتأخر أن يشتمل على أخبار المتقدم لا سيما مثل هذا الأمر المهم والمفخر العظيم والمنة الكبرى، أفلا تعقلون ما فيهما لتعلموا خلوهما عن الإخبار بيهوديته ونصرانيته اللتين زعمتموهما، ثم نبه سبحانه على حماقتهم بقوله جل وعلا: