وعندهم قاصرات الطرف أي على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم، أو قاصرات طرف أزواجهن عليهن، فلا ينظرون إلى غيرهن لشدة حسنهن، وتمام الكلام قد مر وحلا،
أتراب أي لدات على سن واحدة تشبيها في التساوي والتماثل بالترائب التي هي ضلوع الصدر أو لسقوطهن معا على الأرض حين الولادة، ومسهن ترابها، فكأن الترب بمعنى المتارب كالمثل بمعنى المماثل، والظاهر أن هذا الوصف بينهن، فيكون في ذلك إشارة إلى محبة بعضهن لبعض وتصادقهن فيما بينهن، فإن النساء الأتراب يتحاببن، ويتصادقن، وفي ذلك راحة عظيمة لأزواجهن كما أن في تباغض الضرائر نصبا عظيما وخطبا جسيما لهم، وقد جرب ذلك وصح، نسأل الله تعالى العفو والعافية.
وقيل: إن ذلك بينهن وبين أزواجهن، أي إن أسنانهن كأسنانهم ليحصل كمال التحاب، ورجح بأن اهتمام الرجل بحصول المحبة بينه وبين زوجته أشد من اهتمامه بحصولها بين زوجاته، وفيه توقف، ثم إن الوصف الأول
[ ص: 214 ] على المعنى الأول متكفل بالدلالة على محبتهن لأزواجهن، وعلى المعنى الثاني متكفل بالدلالة على محبة أزواجهن لهن، وإذا حصلت المحبة من طرف فالغالب حصولها من الطرف الآخر، وقد قيل: من القلب إلى القلب سبيل، والأمر في الشاهد أن كون الزوجات أصغر من الأزواج أحب لهم لا التساوي، واختار بعضهم كون ذلك بينهن وبين أزواجهن، ويلزم منه مساواة بعضهن لبعض، وهذا إذا كان المراد بقوله تعالى:
وعندهم إلخ، وعند كل واحد منهم، ولو كان المراد، وعند مجموعهم، وكان الجمع موزعا بأن يكون لكل واحد واحد من أهل الجنة واحدة واحدة من قاصرات الطرف الأتراب، كان اعتبار كون الوصف بينهن وبين الأزواج كالمتعين، لكن هذا الفرض خلاف ما نطقت به الأخبار، سواء قلنا بما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من أن الآية في الآدميات، أو قلنا بما قاله صاحب الفينان من أنها في الحور، وقيل: بناء على ما هو الظاهر في الوصف أن التساوي في الأعمار بين الحور، وبين نساء الجنة، فالآية فيهما،