وقوله تعالى :
نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا إلى آخره من بشاراتهم في الدنيا أي أعوانكم في أموركم نلهمكم الحق ونرشدكم إلى ما فيه خيركم وصلاحكم ، ولعل ذلك عبارة عما يخطر ببال المؤمنين المستمرين على الطاعات من أن ذلك بتوفيق الله تعالى وتأييده لهم بواسطة الملائكة عليهم السلام ، ويجوز على قول بعض الناس أن تقول الملائكة لبعض المتقين شفاها في غير تلك المواطن :
نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة نمدكم بالشفاعة ونتلقاكم بالكرامة حين يقع بين الكفرة وقرنائهم ما يقع من الدعاوى والخصام .
وذهب بعض المفسرين على أن هذا من بشاراتهم في أحد المواطن الثلاثة أيضا على معنى كنا نحن أولياؤكم في الدنيا ونحن أولياؤكم في الآخرة ، وقيل : هذا من كلام الله تعالى دون الملائكة أي نحن أولياؤكم بالهداية والكفاية في الدنيا والآخرة
ولكم فيها أي في الآخرة
ما تشتهي أنفسكم من فنون الملاذ
ولكم فيها ما تدعون ما تتمنون وهو افتعال من الدعاء بمعنى الطلب أي تدعون لأنفسكم وهو عند بعض أعم من الأول لأنه قد يقع الطلب في أمور معنوية وفضائل عقلية روحانية ، وقيل : بينهما عموم وخصوص
[ ص: 122 ] من وجه إذ قد يشتهي المرء ما لا يطلبه كالمريض يشتهي ما يضره ولا يريده ، وكون التمني أعم من الإرادة غير مسلم ، نعم قيل : إذا أريد بالمتمنى ما يصح تمنيه لا ما يتمنى بالفعل فذاك .
وقال
ابن عيسى : المراد ما تدعون أنه لكم فهو لكم بحكم ربكم ( ولكم ) في الموضعين خبر وما مبتدأ و ( فيها ) حال من ضميره في الخبر وعدم الاكتفاء بعطف ( ما تدعون ) على
ما تشتهي للإيذان باستقلال كل منهما