وقوله تعالى:
كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم كلام مستأنف وارد لتحقيق أن مضمون السورة موافق لما في تضاعف الكتب المنزلة على سائر الرسل المتقدمين في الدعوة إلى
[ ص: 11 ] التوحيد والإرشاد إلى الحق أو أن إيحاءها بعد تنويهها بذكر اسمها والتنبيه على فخامة شأنها، والكاف مفعول (يوحي) على الأول أي يوحي مثل ما في هذه السورة من المعاني أو نعت لمصدر مؤكد على الثاني أي يوحي إيحاء مثل إيحائها إليك وإلى الرسل أي بواسطة الملك، وهي في الوجهين اسم كما هو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13673الأخفش وإن شئت فاعتبرها حرفا واعتبر الجار والمجرور مفعولا أو متعلقا بمحذوف وقع نعتا، وقول العلامة الثاني في التلويح: إن جار الله لا يجوز الابتداء بالفعل ويقدر المبتدأ في جميع ما يقع فيه الفعل ابتداء كلام غير
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم وقد ترددوا فيه حتى قيل: إنه لم يظهر له وجه.
وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء كون
كذلك مبتدأ و"يوحي" الخبر والعائد محذوف أي مثل ذلك يوحيه إليك إلخ وحذف مثله شائع في الفصيح، نعم هذا الوجه خلاف الظاهر، والإشارة كما أشرنا إليه إلى ما في السورة أو إلى إيحائها، والدلالة على البعد لبعد منزلة المشار إليه في الفضل، وصيغة المضارع على حكاية الحال الماضية للدلالة على استمراره في الأزمنة الماضية وأن إيحاء مثله عادته عز وجل، وقيل: إنها على التغلب فإن الوحي إلى من مضى مضى وإليه عليه الصلاة والسلام بعضه ماض وبعضه مستقبل، وجوز أن تكون على ظاهرها ويضمر عامل يتعلق به" إلى الذين " أي وأوحي إلى الذين وهو كما ترى، وفي جعل مضمون السورة أو إيحائها مشبها به من تفخيمها ما لا يخفى.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16456وابن كثير وعياش ومحبوب كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو (يوحى) مبنيا للمفعول على أن
كذلك مبتدأ و (يوحى) خبره المسند إلى ضميره أو مصدر و (يوحى) مسند إلى (إليك) و (الله) مرتفع عند
السكاكي على الفاعلية ليوحى الواقع في جواب من يوحي؟ نحو ما قرروه في قوله تعالى: (يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال) على قراءة (يسبح) بالبناء للمفعول، وقوله:
ليبك يزيد ضارع لخصومة ومختبط مما تطيح الطوائح
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : رافعه ما دل عليه (يوحى) كأن قائلا قال: من الموحي؟ فقيل: الله وإنما قدر كذلك على ما قاله صاحب الكشف ليدل على أن الإيحاء
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم معلوم وإنما الغرض من الإخبار إثبات اتصافه بأنه تعالى من شأنه الوحي لا إثبات أنه موح، ولم يرتض القول بعدم الفرق بين هذا وقوله تعالى: (يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال) بل أوجب الفرق لأن الفعل المضارع هنالك على ظاهره لم يؤت به للدلالة على الاستمرار ولهم فيه مقال.
و
العزيز الحكيم صفتان له تعالى عند الشيخين، وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان كون الاسم الجليل مبتدأ وما بعده خبر له وقيل:
الله العزيز الحكيم إلى آخر السورة قائم مقام فاعل (يوحي) أي هذه الكلمات.
وقرأ
أبو حيوة والأعشى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر . وأبان (نوحي) بنون العظمة فالله مبتدأ وما بعده خبر أو
العزيز الحكيم صفتان،