وما أصابكم من مصيبة أي مصيبة كانت من مصائب الدنيا كالمرض وسائر النكبات
فبما كسبت أيديكم أي فبسبب معاصيكم التي اكتسبتموها، وما اسم موصول مبتدأ والمبتدأ إذا كان موصولا صلته جملة فعلية تدخل على خبره الفاء كثيرا لما فيه من معنى الشرط لإشعاره بابتناء الخبر عليه فلذا جيء بالفاء هنا.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع .
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر .
nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر في رواية.
وشيبة (بما) بغير فاء لأنها ليست بلازمة وإيقاع المبتدأ موصولا يكفي في الإشعار المذكور، وحكي عن
ابن مالك أنه قال: اختلاف القراءتين دل على أن ما موصولة فجيء تارة بالفاء في خبرها وأخرى لم يؤت بها حطا للمشبه عن المشبه به، وجوز كون ما شرطية واستظهره
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان في القراءة بالفاء وجعلها موصولة في القراءة الأخرى بناء على أن حذف الفاء من جواب الشرط مخصوص بالشعر عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه نحو:
من يفعل الحسنات الله يشكرها
nindex.php?page=showalam&ids=13673والأخفش وبعض نحاة بغداد أجازوا ذلك مطلقا، ومنه
[ ص: 41 ] قوله تعالى:
وإن أطعتموهم إنكم لمشركون .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : حذف الفاء من الجواب حسن إذا كان الشرط بلفظ الماضي ويعلم منه مزيد حسن حذفها هنا على جعل ما موصولة
ويعفو عن كثير أي من الذنوب فلا يعاقب عليها بمصيبة عاجلا قيل وآجلا.
وجوز كون المراد بالكثير الكثير من الناس والظاهر الأول وهو الذي تشهد له الأخبار. روى
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن
أبي موسى أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=665545 (لا يصيب عبدا نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب وما يعفو الله تعالى عنه أكثر وقرأ وما أصابكم من مصيبة ) .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر . وجماعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن قال: لما نزلت هذه الآية
وما أصابكم إلخ، قال عليه الصلاة والسلام
والذي نفسي بيده ما من خدش عود ولا اختلاج عرق ولا نكبة حجر ولا عثرة قدم إلا بذنب وما يعفو الله عز وجل عنه أكثر، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16965ابن سعد عن
أبي مليكة أن
nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما كانت تصدع فتضع يدها على رأسها وتقول بذنبي وما يغفره الله تعالى أكثر، ورؤي على كف
شريح قرحة فقيل: بم هذا؟ فقال: بما كسبت يدي، وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين عن مرضه فقال: إن أحبه إلي أحبه إلى الله تعالى وهذا بما كسبت يدي، والآية مخصوصة بأصحاب الذنوب من المسلمين وغيرهم فإن من لا ذنب له كالأنبياء عليهم السلام قد تصيبهم مصائب، ففي الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=664692 (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل) ويكون ذلك لرفع درجاتهم أو لحكم أخرى خفيت علينا، وأما الأطفال والمجانين فقيل غير داخلين في الخطاب لأنه للمكلفين وبفرض دخولهم أخرجهم التخصيص بأصحاب الذنوب فما يصيبهم من المصائب فهو لحكم خفية، وقيل: في مصائب الطفل رفع درجته ودرجة أبويه أو من يشفق عليه بحسن الصبر ثم إن المصائب قد تكون عقوبة على الذنب وجزاء عليه بحيث لا يعاقب عليه يوم القيامة، ويدل على ذلك ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في مسنده.
والحكيم الترمذي . وجماعة
nindex.php?page=hadith&LINKID=681459عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه قال: ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله تعالى حدثنا بها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير وسأفسرها لك يا nindex.php?page=showalam&ids=8علي ما أصابك من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم والله تعالى أكرم من أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة وما عفا الله تعالى عنه في الدنيا فالله سبحانه أكرم من أن يعود بعد عفوه، وزعم بعضهم أنها لا تكون جزاء لأن الدنيا دار تكليف فلو حصل الجزاء فيها لكانت دار جزاء وتكليف معا وهو محال فما هي إلا امتحانات، وخبر
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله وجهه يرده وكذا ما صح من أن الحدود أي غير حد قاطع الطريق مكفرات وأي محالية في كون الدنيا دار تكليف ويقع فيها لبعض الأشخاص ما يكون جزاء له على ذنبه أي مكفرا له.
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن تفسير المصيبة بالحد قال: المعنى ما أصابكم من حد من حدود الله تعالى فإنما هو بكسب أيديكم وارتكابكم ما يوجبه ويعفو الله تعالى عن كثير فيستره على العبد حتى لا يحد عليه، وهو مما تأباه الأخبار ومع هذا ليس بشيء ولعله لم يصح عن الحسن.
وفي الانتصاف أن هذه الآية تبلس عندها القدرية ولا يمكنهم ترويج حيلة في صرفها عن مقتضى نصها فإنها حملوا قوله تعالى:
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء على التائب وهو غير ممكن لهم ههنا فإنه قد أثبت التبعيض
[ ص: 42 ] في العفو ومحال عندهم أن يكون العفو هنا مقيدا بالتوبة فإنه يلزم تبعيضا أيضا وهي عندهم لا تتبعض كما نقل الإمام عن
أبي هاشم وهو رأس الاعتزال والذي تولى كبره منهم فلا محل لها إلا الحق الذي لا مرية فيه وهو رد العفو إلى مشيئة الله تعالى غير موقوف على التوبة. وأجيب عنهم بأن لهم أن يقولوا: المراد ويعفو عن كثير فلا يعاقب عليه في الدنيا بل يؤخر عقوبته في الآخرة لمن لم يتب. وأنت تعلم ما دل خبر
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه.