وجعلوا له من عباده جزءا متصل بقوله تعالى:
ولئن سألتهم إلى آخره فهو حال من فاعل (ليقولن) بتقدير قد أو بدونه، والمراد بيان أنهم مناقضون مكابرون حيث اعترفوا بأنه عز وجل خالق السموات والأرض ثم وصفوه سبحانه بصفات المخلوقين وما يناقض كونه تعالى خالقا لهما فجعلوا له سبحانه جزءا وقالوا: الملائكة بنات الله سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، وعبر عن الولد بالجزء لأنه بضعة ممن هو ولد له كما قيل: أولادنا أكبادنا، وفيه دلالة على مزيد استحالته على الحق الواحد الذي لا يضاف إليه انقسام حقيقة ولا فرضا ولا خارجا ولا ذهنا جل شأنه وعلا، ولتأكيد أمر المناقضة لم يكتف بقوله تعالى:
جزءا وقيل
من عباده لأنه يلزمهم على موجب اعترافهم أن يكون ما فيهما مخلوقه تعالى وعبده سبحانه إذ هو حادث بعدهما محتاج إليهما ضرورة.
وقيل: الجزء اسم للإناث يقال: أجزأت المرأة إذ ولدت أنثى، وأنشد قول الشاعر:
إن أجزأت حرة يوما فلا عجب قد تجزئ الحرة المذكار أحيانا
وقوله:
زوجتها من بنات الأوس مجزئة للعوسج اللدن في أنيابها زجل
وجعل ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري من بدع التفاسير وذكر أن ادعاء أن الجزء في لغة العرب اسم للإناث كذب عليهم ووضع مستحدث منخول وأن البيتين مصنوعان، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : في البيت الأول لا أدري قديم أم مصنوع.
ووجه بعضهم ذلك بأن حواء خلقت من جزء
آدم عليه السلام فاستعير لكل الإناث.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم (جزأ) بضمتين، ثم للكلام وإن سيق للفرض المذكور يفهم منه كفرهم لتجسيم الخالق تعالى والاستخفاف به جل وعلا حيث جعلوا له سبحانه أخس النوعين بل إثبات ذلك يستدعي الإمكان
[ ص: 70 ] المؤذن بحدوثه تعالى فلا يكون إلها ولا بارئا ولا خالقا تعالى عما يقولون وسبحانه عما يصفون، وليس الكلام مساقا لتعديد الكفران كما قيل. وقوله تعالى:
إن الإنسان لكفور مبين لا يقتضيه فإن المراد المبالغة في كفران النعمة وهي في إنكار الصانع أشد من المبالغة في كفرهم به كما أشير إليه، و (مبين) من أبان اللازم أي ظاهر الكفران، وجوز أن يكون من المتعدي أي مظهر كفرانه