بل متعت هؤلاء أي أهل
مكة المعاصرين للرسول صلى الله تعالى عليه وسلم
وآباءهم بالمد في العمر والنعمة
حتى جاءهم الحق دعوة التوحيد أو القرآن
ورسول مبين ظاهر الرسالة بما له من المعجزات الباهرات أو مبين للتوحيد بالآيات البينات والحجج القاطعات، والمراد بالتمتيع ما هو سبب له من استمتاعهم بما متعوا واشتغالهم بذلك عن شكر المنعم وطاعته والغاية لذلك فكأنه قيل: اشتغلوا حتى جاء الحق وهي غاية له في نفس الأمر لأن مجيء الرسول مما ينبه عن سنة الغفلة ويزجر عن الاشتغال بالملاذ لكنهم عكسوا فجعلوا ما هو سبب للتنصل سببا للتوغل فهو على أسلوب قوله تعالى:
لم يكن الذين كفروا إلى قوله سبحانه:
وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة ، و
بل متعت إضراب عن قوله جل شأنه
لعلهم يرجعون كأنه قيل بل متعت مشركي
مكة وأشغلتهم بالملاهي والملاذ فاشتغلوا فلم يرجعوا أو فلم يحصل ما رجاه من رجوعهم عن الشرك، وهو في الحقيقة إضراب عن التمهيد الذي سمعت وشروع في المقصود لكن روعي فيه المناسبة بما قرب من جملة الإضراب أعني
لعلهم يرجعون وفي الحواشي الشهابية أنه إضراب عن قوله تعالى:
وجعلها إلخ أي لم يرجعوا فلم أعاجلهم بالعقوبة بل أعطيتهم نعما أخر غير الكلمة الباقية لأجل أن يشكروا منعمها ويوحدوه فلم يفعلوا بل زاد طغيانهم لاغترارهم أو التقدير ما اكتفيت في هدايتهم بجعل الكلمة باقية فيهم بل متعتهم وأرسلت رسولا. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش (بل متعت) بتاء الخطاب ورواها
يعقوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع وهو من كلامه تعالى على سبيل التجريد لا الالتفات وإن قيل به في مثله أيضا كأنه تعالى اعترض بذلك على نفسه جل شأنه في قوله سبحانه:
وجعلها إلخ لا لتقبيح فعله سبحانه بل لقصد زيادة توبيخ المشركين كما إذا قال المحسن على من أساء مخاطبا لنفسه: أنت الداعي لإساءته بالإحسان إليه ورعايته فيبرز كلامه في صورة من يعترض على نفسه ويوبخها حتى كأنه مستحق لذلك وفي ذلك من توبيخ المسيء ما فيه، وقال صاحب اللوامح: هو من كلام
إبراهيم عليه السلام ومناجاته ربه عز وجل، وقال في البحر: الظاهر أنه من مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم على معنى قل يا رب متعت، والأول أولى وهو الموافق للأصل المشهور، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش (متعنا) بنون العظمة.