ونادوا أي من شدة العذاب.
وفي بعض الآثار يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيقولون: ادعوا
مالكا فيدعون
يا مالك ليقض علينا ربك أي ليمتنا من قضى عليه إذا أماته، ومرادهم سل ربك أن يقضي علينا حتى نستريح، وإضافتهم الرب إلى ضميره لحثه لا للإنكار، وهذا لا ينافي الإبلاس على التفسير الأول لأنه صراخ وتمني للموت من فرط الشدة، وأما على التفسير الثاني أنه وإن نفاه لكن زمان كل غير زمان الآخر فإن أزمنة العذاب متطاولة وأحقابه ممتدة فتختلف بهم الأحوال فيسكتون أوقاتا لغلبة اليأس عليهم وعلمهم أنه لا خلاص لهم ولو بالموت ويغوثون أوقاتا لشدة ما بهم. وتعقب بأنه لا يناسب دوام الجملة الاسمية أعني وهم مبلسون وقيل إن نادوا معطوف بالواو وهي لا تقتضي ترتيبا، ولا يخفى أن تلك الجملة حالية لا تنفك عن الخلود.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود .
nindex.php?page=showalam&ids=17340وابن وثاب .
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش (يا مال) بالترخيم على لغة من ينتظر وقرأ
أبو السوار (يا مال) بالترخيم أيضا لكن على لغة من لم ينتظر.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني : وللترخيم في هذا الموضع سر وذلك أنهم لعظم ما هم فيه ضعفت قواهم وذلت أنفسهم فكان هذا من موضع الاختصار ضرورة وبهذا يجاب عن قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقد حكيت له القراءة به على اللغة الأولى: ما أشغل أهل النار عن الترخيم مشيرا بذلك إلى إنكارها فإن ما للتعجب وفيها معنى الصد يعني أنهم في حالة تشغلهم عن الالتفات إلى الترخيم وترك النداء على الوجه الأكثر في الاستعمال، وحاصل الجواب أن هذا الترخيم لم يصدر عنهم لقصد التصرف في الكلام والتفنن فيه كما في قوله:
[ ص: 103 ] يحيي رفات العظام بالية والحق يا مال غير ما تصف
بل للعجز وضيق المجال عن الإتمام كما يشاهد في بعض المكروبين
قال أي
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك إنكم ماكثون مقيمون في العذاب أبدا لا خلاص لكم منه بموت ولا غيره، وهذا تقنيط ونكاية لهم فوق ما هم فيه ولا يضر في ذلك علمه بيأسهم إن قلنا به.
وذكر بعض الأجلة أن فيه استهزاء لأنه أقام المكث مقام الخلود والمكث يشعر بالانقطاع لأنه كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب ثبات مع انتظار، ويمكن أن يكون وجه الاستهزاء التعبير بماكثون من حيث إنه يشعر بالاختيار وإجابتهم بذلك بعد مدة.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يجيبهم بعد مضي ألف سنة، وقال
نوف: بعد مائة، وقيل ثمانين، وقيل أربعين.