صفحة جزء
وقوله تعالى: يسمع آيات الله صفة أخرى له، وقيل استئناف، وقيل حال من الضمير في أثيم [ ص: 143 ] وقوله سبحانه تتلى عليه حال من آيات الله ولم يجوز جعله مفعولا ثانيا ليسمع لأن شرطه أن يكون ما بعده مما لا يسمع كسمعت زيدا يقرأ، والظاهر أن المراد بتتلى الاستمرار لأنه المناسب للاستبعاد المدلول عليه بقوله عز وجل ثم يصر فإن ثم لاستبعاد الإصرار بعد سماع الآيات وهي للتراخي الرتبي ويمكن إبقاؤه على حقيقته إلا أن الأول أبلغ وأنسب بالمقام، ونظير ذلك في الاستبعاد قول جعفر بن علية:


لا يكشف الغماء إلا ابن حرة يرى غمرات الموت ثم يزورها



والإصرار على الشيء ملازمته وعدم الانفكاك عنه من الصر وهو الشد ومنه صرة الدراهم، ويقال: صر الحمار أذنيه ضمهما صرا وأصر الحمار ولا يقال أذنيه على ما في الصحاح وكأن معناه حينئذ صار صارا أذنيه.

والمراد هنا ثم يقيم على كفره وضلاله مستكبرا عن الإيمان بالآيات وهو حال من ضمير يصر وقوله سبحانه كأن لم يسمعها حال بعد حال أو حال من ضمير مستكبرا وجوز الاستئناف، و (كأن) مخففة من كأن بحذف إحدى النونين واسمها ضمير الشأن، وقيل: لا حاجة إلى تقديره كما في أن المفتوحة، والمعنى يصر مستكبرا مثل غير السامع لها فبشره بعذاب أليم على إصراره ذلك، والبشارة في الأصل الخبر المغير للبشرة خيرا كان أو شرا، وخصها العرف بالخبر السار فإن أريد المعنى العرفي فهو استعارة تهكمية أو هو من قبيل:


تحية بينهم ضرب وجيع



التالي السابق


الخدمات العلمية