إن الذين يبايعونك يوم الحديبية على الموت في نصرتك كما روي عن
سلمة بن الأكوع وغيره أو على أن لا يفروا من قريش كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وجابر رضي الله تعالى عنهم، وسيأتي الكلام في تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى، والمبايعة وقعت قبل نزول الآية فالتعبير بالمضارع لاستحضار الحال الماضية، وهي مفاعلة من البيع يقال: بايع السلطان مبايعة إذا ضمن بذلك الطاعة له بما رضخ له، وكثيرا ما تقال على البيعة المعروفة للسلاطين ونحوهم وإن لم يكن رضخ، وما وقع للمؤمنين قيل يشير إلى ما في قوله تعالى:
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم الآية
إنما يبايعون الله لأن المقصود من بيعة الرسول عليه الصلاة والسلام وإطاعته إطاعة الله تعالى وامتثال أوامره سبحانه لقوله تعالى:
من يطع الرسول فقد أطاع الله فمبايعة الله تعالى بمعنى طاعته سبحانه مشاكلة أو هو صرف مجاز، وقرئ (إنما يبايعون لله) أي لأجل الله تعالى ولوجهه، والمفعول محذوف أي إنما يبايعونك لله
يد الله فوق أيديهم استئناف مؤكد لما قبله لأنه عبارة عن المبايعة. قال في الكشاف لما قال سبحانه:
إنما يبايعون الله أكده على طريقة التخييل فقال تعالى:
يد الله فوق أيديهم وأنه سبحانه منزه عن الجوارح وصفات الأجسام وإنما المعنى تقرير أن عقد الميثاق مع الرسول صلى الله عليه وسلم كعقده مع الله تعالى من غير تفاوت بينهما. وفي المفتاح أما حسن الاستعارة التخييلية فبحسب حسن الاستعارة بالكناية متى كانت
[ ص: 97 ] تابعة لها كما في قولك: فلان بين أنياب المنية ومخالبها ثم إذا انضم إليها المشاكلة كما في ( يد الله ) إلخ كانت أحسن وأحسن، يعني أن في اسم الله تعالى استعارة بالكناية تشبيها له سبحانه وتعالى بالمبايع، واليد استعارة تخييلية مع أن فيها أيضا مشاكلة لذكرها مع أيدي الناس، وامتناع الاستعارة في اسم الله تعالى إنما هو في الاستعارة التصريحية دون المكنية لأنه لا يلزم إطلاق اسمه تعالى على غيره سبحانه، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13471ابن كيسان اليد القوة أي قوة الله تعالى ونصرته فوق قوتهم ونصرتهم أي ثق بنصرة الله تعالى لك لا بنصرتهم وإن بايعوك.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : المعنى يد الله في الوفاء فوق أيديهم أو في الثواب فوق أيديهم في الطاعة أو يد الله سبحانه في المنة عليهم في الهداية فوق أيديهم في الطاعة، وقيل: المعنى نعمة الله تعالى عليهم بتوفيقهم لمبايعتك فوق نعمتهم وهي مبايعتهم إياك وأعظم منها، وفيه شيء من قوله تعالى:
قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان وكل ذلك تأويلات ارتكبها الخلف وأحسنها ما ذكر أولا، والسلف يمرون الآية كما جاءت مع تنزيه الله عز وجل عن الجوارح وصفات الأجسام وكذلك يفعلون في جميع المتشابهات ويقولون: إن معرفة حقيقة ذلك فرع معرفة حقيقة الذات وأنى ذلك وهيهات هيهات، وجوز أن تكون الجملة خبرا بعد خبر لإن، وكذا جوز أن تكون حالا من ضمير الفاعل في ( يبايعونك ) وفي جواز ذلك مع كونها اسمية غير مقترنة بالواو كلام
فمن نكث نقض العهد
فإنما ينكث على نفسه فلا يعود ضرر نكثه إلا عليه، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله أنه ما نكث أحد البيعة إلا
جد بن قيس وكان منافقا، والذي نقله
الطيبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم يدل على أن الرجل لم يبايع لا أنه بايع ونكث قال: سئل
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر كم كانوا يوم الحديبية؟ قال: كنا أربع عشر مائة فبايعناه
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر رضي الله تعالى عنه آخذ بيده صلوات الله تعالى وسلامه عليه تحت الشجرة وهي سمرة فبايعناه غير
جد بن قيس الأنصاري اختفى تحت بطن بعيره ولم يسر مع القوم، ولعل هذا هو الأوفق لظاهر قوله تعالى
لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي (ينكث) بكسر الكاف
ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما هو الجنة وما يكون فيها مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ويقال: وفى بالعهد وأوفى به إذا تممه وأوفى لغة تهامة، ومنه قوله تعالى:
أوفوا بالعقود .
والموفون بعهدهم وقرئ (بما عهد) ثلاثيا.
وقرأ الجمهور (عليه) بكسر الهاء كما هو الشائع وضمها
حفص هنا، قيل: وجه الضم أنها هاء هو وهي مضمومة فاستصحب ذلك كما في له وضربه، ووجه الكسر رعاية الياء وكذا في إليه وفيه وكذا فيما إذا كان قبلها كسرة نحو به ومررت بغلامه لثقل الانتقال من الكسر إلى الضم، وحسن الضم في الآية التوصل به إلى تفخيم لفظ الجلالة الملائم لتفخيم أمر العهد المشعر به الكلام، وأيضا إبقاء ما كان على ما كان ملائم للوفاء بالعهد وإبقائه وعدم نقضه، وقد سألت كثيرا من الأجلة وأنا قريب عهد بفتح فمي للتكلم عن وجه هذا الضم هنا فلم أجب بما يسكن إليه قلبي ثم ظفرت بما سمعت والله تعالى الهادي إلى ما هو خير منه، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر وروح nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي (فسنؤتيه) بالنون.