ومن باب الإشارة في بعض الآية:
يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله إلخ إشارة إلى لزوم العمل بالشرع ورعاية الأدب وترك مقتضيات الطبع، وقوله تعالى:
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا يشير إلى أنه إن سولت النفس الأمارة بالسوء وجاءت بنبإ شهوة من شهوات الدنيا ينبغي التثبت للوقوف على ربحها وخسرانها
أن تصيبوا قوما من القلوب وصفاتها
بجهالة فتصبحوا صباح يوم القيامة
على ما فعلتم نادمين فإن ما فيه شفاء النفوس وحياتها فيه مرض القلوب ومماتها
واعلموا أن فيكم رسول الله إلخ يشير إلى رسول الإلهام الرباني في الأنفس بلهم فجورها وتقواها، ويشير قوله تعالى:
فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله إلى أن النفس إذا ظلمت القلب باستيلاء شهواتها يجب أن تقاتل حتى تثخن بالجراحة بسيوف المجاهدة فإن استجابت بالطاعة عفي عنها لأنها هي المطية إلى باب الله عز وجل
إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم إشارة إلى رعاية حق الأخوة الدينية، ومنشأ نطفها صلب النبوة وحقيقتها نور الله تعالى فإصلاح ذات بينهم برفع حجب أستار البشرية عن وجوه القلوب ليتصل النور بالنور من روزنة القلب فيصيروا كنفس واحدة
يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم يشير إلى ترك الإعجاب بالنفس والنظر إلى أحد بعين الاحتقار فإن الظاهر لا يعبأ به والباطن لا يطلع عليه فرب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله تعالى لأبره
قالت الأعراب آمنا إلى آخره فيه إشارة إلى أنه ينبغي ترك رؤية الأعمال والعلم بأن المنة في الهداية لله الملك المتعال، وفيه إرشاد إلى كيفية مخاطبة الجاهلين والرد على المحجوبين كما سلفت الإشارة إليه، هذا ونسأل الله تعالى التوفيق لما يرضاه يوم العرض عليه.