ما يلفظ من قول ما يرمي به من فيه خيرا كان أو شرا، وقرأ
محمد بن أبي معدان (ما يلفظ) بفتح الفاء
إلا لديه رقيب ملك يرقب قوله ويكتبه فإن كان خيرا فهو صاحب اليمين وإن كان شرا فهو صاحب الشمال
عتيد معد مهيأ لكتابة ما أمر به من الخير أو الشر، وتخصيص القول بالذكر لإثبات الحكم في الفعل بدلالة النص واختلف فيما يكتبانه فقال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وجماعة:
يكتبان كل شيء حتى الأنين في المرض، وفي شرح الجوهرة
للقاني مما يجب اعتقاده أن لله تعالى ملائكة يكتبون أفعال العباد من خير أو شر أو غيرهما قولا كانت أو عملا أو اعتقادا هما كانت أو عزما أو تقريرا اختارهم سبحانه لذلك فهم لا يهملون من شأنهم شيئا فعلوه قصدا وتعمدا أو ذهولا ونسيانا صدر
[ ص: 180 ] منهم في الصحة أو في المرض كما رواه علماء النقل والرواية انتهى. وفي بعض الآثار ما يدل على أن الكلام النفسي لا يكتب، أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي في الشعب عن
حذيفة بن اليمان أن للكلام سبعة أغلاق إذا خرج منها كتب وإن لم يخرج لم يكتب القلب واللها واللسان والحنكان والشفتان، وذهب بعضهم إلى أن المباح لا يكتبه أحد منهما لأنه لا ثواب فيه ولا عقاب والكتابة للجزاء فيكون مستثنى حكما من عموم الآية وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه من طريقه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال: إنما يكتب الخير والشر لا يكتب يا غلام أسرج الفرس ويا غلام اسقني الماء، وقال بعضهم: يكتب كل ما صدر من العبد حتى المباحات فإذا عرضت أعمال يومه محي منها المباحات وكتب ثانيا ما له ثواب أو عقاب وهو معنى قوله تعالى:
يمحو الله ما يشاء ويثبت وقد أشار
السيوطي إلى ذلك في بعض رسائله وجعل وجها للجمع بين القولين القول بكتابة المباح والقول بعدمها وقد روي نحوه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم عنه أنه قال في الآية: يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر حتى أنه ليكتب قوله: أكلت وشربت ذهبت جئت رأيت حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر منه ما كان من خير أو شر وألقي سائره فذلك قوله تعالى:
يمحو الله ما يشاء ويثبت ثم إن المباح على القول بكتابته يكتبه ملك الشمال على ما يشعر به ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في شعب الإيمان من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي عن
حسان بن عطية أن رجلا كان على حمار فعثر به فقال: تعست فقال صاحب اليمين: ما هي بحسنة فاكتبها وقال صاحب الشمال: ما هي بسيئة فاكتبها فنودي صاحب الشمال إن ما تركه صاحب اليمين فاكتبه، وجاء في بعض الأخبار أن صاحب اليمين أمين على صاحب الشمال.
وقد أخرج ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه .
nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الشعب من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=481أبي أمامة مرفوعا، وفيه
nindex.php?page=hadith&LINKID=944134 (فإذا عمل العبد حسنة كتبت له بعشر أمثالها وإذا عمل سيئة وأراد صاحب الشمال أن يكتبها قال صاحب اليمين: أمسك فيمسك ست ساعات أو سبع ساعات فإن استغفر الله تعالى منها لم يكتب عليه منها شيئا وإن لم يستغفر الله تعالى كتبت عليه سيئة واحدة).
ومثل الاستغفار كما نص عليه فعل طاعة مكفرة في حديث آخر أن صاحب اليمين يقول: دعه سبع ساعات لعله يسبح أو يستغفر، وظاهر الآية عموم الحكم للكافر فمعه أيضا ملكان يكتبان ما له وما عليه من أعماله وقد صرح بذلك غير واحد وذكروا أن ما له الطاعات التي لا تتوقف على نية كالصدقة وصلة الرحم وما عليه كثير لا سيما على القول بتكليفه بفروع الشريعة.
وفي شرح الجوهرة الصحيح كتب حسنات الصبي وإن كان المجنون لا حفظة عليه لأن حاله ليست متوجهة للتكليف بخلاف الصبي وظاهر الآية شمول الحكم له وتردد الجزولي في الجن والملائكة أعليهم حفظة أم لا ثم جزم بأن على الجن حفظة وأتبعه القول بذلك في الملائكة عليهم السلام، قال
اللقاني بعد نقله: ولم أقف عليه في الجن لغيره ويفهم منه أنه وقف عليه في الملائكة لغيره ولعله ما حكي عن بعضهم أن المراد بالروح في قوله تعالى:
تنزل الملائكة والروح الحفظة على الملائكة، ويحتاج دعوى ذلك فيهم وفي الجن إلى نقل.
وأما اعتراض القول به في الملائكة بلزوم التسلسل فمدفوع بما لا يخفى على المتأمل ثم إن بعضهم استظهر في الملكين اللذين مع الإنسان كونهما ملكين بالشخص لا بالنوع لكل إنسان يلزمانه إلى مماته فيقومان عند قبره يسبحان الله تعالى ويحمدانه ويكبرانه ويكتبان ثواب ذلك لصاحبهما إن كان مؤمنا.
[ ص: 181 ] أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11868أبو الشيخ في العظمة،
nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في شعب الإيمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=64008 (إن الله تعالى وكل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله فإذا مات قال الملكان اللذان وكلا به: قد مات فأذن لنا أن نصعد إلى السماء فيقول الله تعالى: سمائي مملوءة من ملائكتي يسبحوني فيقولان: أنقيم في الأرض؟ فيقول الله تعالى: أرضي مملوءة من خلقي يسبحوني فيقولان فأين؟ فيقول: قوما على قبر عبدي فسبحاني واحمداني وكبراني واكتبا ذلك لعبدي إلى يوم القيامة، وجاء أنهما يلعنانه إلى يوم القيامة إن كان كافرا. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: الحفظة أربعة اثنان بالنهار واثنان بالليل وهو يحتمل التبدل بأن يكون في كل يوم وليلة أربعة غير الأربعة التي في اليوم والليلة قبلهما وعدمه.
وقال بعضهم: إن ملك الحسنات يتبدل تنويها بشأن الطائع وملك السيئات لا يتبدل سترا على العاصي في الجملة، والظاهر أنهما لا يفارقان الشخص وقالوا: يفارقانه عند الجماع ودخول الخلاء، ولا يمنع ذلك من كتبهما ما يصدر عنه في تلك الحال، ولهما علامة للحسنة والسيئة بدنيتين كانتا أو قلبيتين، وبعض الأخبار ظاهرة في أن ما في النفس لا يكتب.
أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك nindex.php?page=showalam&ids=12455وابن أبي الدنيا في الإخلاص
nindex.php?page=showalam&ids=11868وأبو الشيخ في العظمة عن
ضمرة بن حبيب قال: (قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم:
إن الملائكة يصعدون بعمل العبد من عباد الله تعالى فيكثرونه ويزكونه حتى ينتهوا به حيث شاء الله تعالى من سلطانه فيوحي الله تعالى إليهم إنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه إن عبدي هذا لم يخلص لي عمله فاجعلوه في سجين قال: ويصعدون بعمل العبد من عباد الله تعالى فيستقلونه ويحتقرونه حتى ينتهوا به حيث شاء الله تعالى من سلطانه فيوحي الله تعالى إليهم إنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه فضاعفوه له واجعلوه في عليين).
وجاء من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن
أبي عمران الجوني nindex.php?page=hadith&LINKID=855628أنه ينادي الملك اكتب لفلان بن فلان كذا وكذا أي من العمل الصالح فيقول: يا رب إنه لم يعمله فيقول سبحانه وتعالى: إنه نواه، وقد يقال: إنهما يكتبان ما في النفس ما عدا الرياء والطاعات المئوية جمعا بين الأخبار، وجاء أنه يكتب للمريض والمسافر مثل ما كان يعمل في الصحة والإقامة من الحسنات.
أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني في الإفراد
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في الشعب عن
عبد الله بن عمرو قال: (قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=100368ما من أحد من المسلمين يبتلى ببلاء في جسده إلا أمر الله تعالى الحفظة فقال: اكتبوا لعبدي ما كان يعمل وهو صحيح ما دام مشدودا في وثاقي).
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عن
أبي موسى قال: (قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=652774من مرض أو سافر كتب الله تعالى له ما كان يعمل صحيحا مقيما).
وفي بعض الآثار ما يدل على أن بعض الطاعات يكتبها غير هذين الملكين، ثم إن الملائكة الذين مع الإنسان ليسوا محصورين بالملكين الكاتبين،
فعن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان أنه سأل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كم ملك على الإنسان؟ فذكر عشرين ملكا قاله
المهدوي في الفيصل، وذكر بعضهم أن المعقبات في قوله تعالى:
له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله غير الكاتبين بلا خلاف، وحكى
اللقاني عن
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية أن كل آدمي يوكل به من حين وقوعه نطفة في الرحم إلى موته أربعمائة ملك، والله تعالى أعلم بصحة ذلك.
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر nindex.php?page=showalam&ids=11868وأبو الشيخ في العظمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك أنه قال: وكل بالعبد خمسة أملاك ملكان بالليل وملكان بالنهار يجيئان ويذهبان وملك خامس لا يفارقه لا ليلا ولا نهارا،