[ ص: 2 ] سورة
( الذاريات ) «مكية » كما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16414وابن الزبير رضي الله تعالى عنهما - ولم يحك في ذلك خلاف - وهي ستون آية بالاتفاق كما في كتاب العدد ،
ومناسبتها لسورة «ق » أنهما لما ختمت بذكر البعث واشتملت على ذكر الجزاء والجنة والنار وغير ذلك افتتحت هذه بالإقسام على أن ما وعدوا من ذلك لصادق ، وأن الجزاء لواقع ، وأنه قد ذكر هناك إهلاك كثير من القرون على وجه الإجمال ، وذكر هنا إهلاك بعضهم على سبيل التفصيل إلى غير ذلك مما يظهر للمتأمل . بسم الله الرحمن الرحيم
والذاريات ذروا أي الرياح التي تذرو التراب وغيره من - ذرا - المعتل بمعنى فرق وبدد ما رفعه عن مكانه
فالحاملات وقرا أي حملا وهي السحب الحاملة للمطر .
فالجاريات يسرا أي جريا سهلا إلى حيث سيرت وهي السفن
فالمقسمات أمرا هي الملائكة الذين يقسمون الأمور بين الخلق على ما أمروا به ، وتفسير كل بما فسر به قد صح روايته من طرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه ، وفي بعض الروايات أن
ابن الكواء سأله عن ذلك وهو رضي الله تعالى عنه يخطب على المنبر فأجاب بما ذكر ، وفي بعض الأخبار ما يدل على أنه تفسير مأثور عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم .
أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني في الأفراد
nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=939582«جاء صبيغ التميمي إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال : أخبرني عن ( الذاريات ذروا ) قال : هي الرياح ، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقوله ما قلته ، قال : فأخبرني عن «الحاملات وقرا » قال : هي السحاب ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقوله ما قلته ، قال : فأخبرني عن «الجاريات يسرا » قال : هي السفن ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقوله ما قلته ، قال : فأخبرني عن «المقسمات أمرا » قال : هي الملائكة ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقوله ما قلته ثم أمر به فضرب مائة وجعل في بيت فلما برأ دعاه فضربه مائة أخرى وحمله على قتب وكتب إلى nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري امنع الناس من مجالسته فلم يزالوا كذلك حتى أتى أبا موسى فحلف له بالأيمان المغلظة ما يجد في نفسه مما كان يجد شيئا فكتب إلى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه ما أخاله إلا قد صدق فخلى بينه وبين مجالسة الناس » .
ويدل هذا أن الرجل لم يكن سليم القلب وأن سؤاله لم يكن طلبا للعلم وإلا لم يصنع به
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه ما صنع .
وفي رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن - الحاملات - هي السفن الموقرة بالناس وأمتعتهم ، وقيل : هي الحوامل من جميع الحيوانات ، وقيل : الجاريات السحب تجري وتسير إلى حيث شاء الله عز وجل ، وقيل : هي الكواكب
[ ص: 3 ] التي تجري في منازلها وكلها لها حركة وإن اختلفت سرعة وبطأ كما بين في موضعه ، وقيل : هي الكواكب السبعة الشهيرة وتسمى السيارة ، وقيل : ( الذاريات ) النساء الولود فإنهن يذرين الأولاد كأنه شبه تتابع الأولاد بما يتطاير من الرياح ، وباقي المتعاطفات على ما سمعت أولا ، وقيل : ( الذاريات ) هي الأسباب التي تذري الخلائق على تشبيه الأسباب المعدة للبروز من العدم بالرياح المفرقة للحبوب ونحوها ، وقيل : الحاملات الرياح الحاملة للسحاب ، وقيل : هي الأسباب الحاملة لمسبباتها مجازا ، وقيل : الجاريات الرياح تجري في مهابها ، وقيل : المقسمات السحب يقسم الله تعالى بها أرزاق العباد ، وقيل : هي الكواكب السبعة السيارة - وهو قول باطل - لا يقول به إلا من زعم أنها مدبرة لعالم الكون والفساد ، وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة «خلق الله تعالى هذه النجوم لثلاث جعلها زينة للسماء ورجوما للشياطين .
وعلامات يهتدى بها فمن تأول فيها بغير ذلك فقد أخطأ وأضاع نصيبه وتكلف ما لا يعلم » وزاد
رزين «وما لا علم له به وما عجز عن علمه الأنبياء والملائكة » وعن
الربيع مثله وزاد «و الله ما جعل الله تعالى في نجم حياة أحد ولا رزقه ولا موته وإنما يفترون على الله تعالى الكذب ويتعللون بالنجوم » ذكره صاحب جامع الأصول ، وقد مر الكلام في إبطال ما قاله المنجمون مفصلا فتذكر ، ولعله سيأتي إن شاء الله تعالى شيء من ذلك ، وجوز أن يراد بالجميع الرياح فإنها - كما تذر - وما تذروه تثير السحاب وتحمله ، وتجري في الجو جريا سهلا - وتقسم الأمطار بتصريف السحاب في الأقطار - والمعول عليه ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه سامعا له من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم - وقاله باب مدينة العلم كرم الله تعالى وجهه على المنبر - وإليه كما نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ذهب جميع المفسرين أي المعتبرين ، وقول الإمام بعد نقله له عن الأمير : الأقرب أن تحمل هذه الصفات الأربع على الرياح جسارة عظيمة على ما لا يسلم له ، وجهل منه بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب من الخبر الدال على أن ذلك تفسير النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فأين منه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه .
وقول صاحب الكشف : إنه شديد الطباق للمقام ولذا آثره الإمام لا أسلمه له أيضا إذا صح الحديث ثم إذا حملت هذه الصفات على أمور مختلفة متغايرة بالذات كما في المعول عليه فالفاء للترتيب في الإقسام ذكرا ورتبة باعتبار تفاوت مراتبها في الدلالة على كمال قدرته عز وجل ، وهذا التفاوت إما على الترقي أو التنزل لما في كل منها من الصفات التي تجعلها أعلى من وجه وأدنى من آخر إذا نظر لها ذو نظر صحيح ، وقيل : الترتيب بالنظر إلى الأقرب فالأقرب منا ، وإن حملت على واحد وهو الرياح فهي لترتيب الأفعال والصفات إذ الريح تذر الأبخرة إلى الجو أولا حتى تنعقد سحابا فتحمله ثانيا وتجري به ثالثا ناشرة وسائقة له إلى حيث أمرها الله تعالى ثم تقسم أمطاره ، وقيل : إذا حملت الذاريات والحاملات على النساء ، فالظاهر أنها للتفاوت في الدلالة على كمال القدرة فتدبر .
ونصب
ذروا على أنه مفعول مطلق ، و
وقرا على أنه مفعول به ، وجوز الإمام أن يكون من باب ضربته سوطا ، و
يسرا على أنه صفة مصدر محذوف بتقدير مضاف أي جريا ذا يسر ، أو على أنه حال أي ميسرة كما نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، و (أمرا ) على أنه مفعول به وهو واحد الأمور ، وقد أريد به الجمع ولم يعبر به لأن الفرد أنسب برؤوس الآي مع ظهور الأمر ، وقيل على أنه حال أي مأمورة ، والمفعول به محذوف أو الوصف منزل منزلة اللازم أي تفعل التقسيم مأمورة ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ( والذاريات ذروا ) بإدغام التاء في الذال ، وقرئ «وقرا » بفتح الواو على أنه مصدر وقره إذا حمله - كما أفاده كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري - وناهيك
[ ص: 4 ] به إماما في اللغة ، وعلى هذا هو منصوب على أنه مفعول به أيضا على تسمية المحمول بالمصدر أو على أنه مفعول مطلق - لحاملات - من معناها كأنه قيل : فالحاملات حملا .