صفحة جزء
فإن للذين ظلموا أي إذا ثبت أن الله تعالى ما خلق الجن والإنس إلا ليعبدون وأنه سبحانه ما يريد منهم من رزق إلى آخر ما تقدم فإن للذين ظلموا أنفسهم باشتغالهم بغير ما خلقوا له من العبادة وإشراكهم بالله عز وجل وتكذيبهم رسوله عليه الصلاة والسلام وهم أهل مكة وأضرابهم من كفار العرب ذنوبا أي نصيبا من العذاب مثل ذنوب أي نصيب أصحابهم أي نظرائهم من الأمم السالفة ، وأصل الذنوب الدلو العظيمة الممتلئة ماء ، أو القريبة من الامتلاء ، قال الجوهري : ولا يقال لها ذنوب وهي فارغة ، وهي تذكر وتؤنث وجمعها أذنبة وذنائب فاستعيرت للنصيب مطلقا شرا كان كالنصيب من العذاب في الآية أو خيرا كما في العطاء في قول علقمة بن عبدة التميمي يمدح الحارث بن أبي شمر الغساني وكان أسر أخاه شأسا يوم عين أباغ :


وفي كل حي قد خبطت بنعمة فحق لشأس من نداك ذنوب



يروى أن الحارث لما سمع هذا البيت قال نعم وأذنبة ومن استعمالها في النصيب قول الآخر :


لعمرك والمنايا طارقات     لكل بني أب منها ذنوب



وهو استعمال شائع ، وفي الكشاف هذا تمثيل أصله في السقاة يقتسمون الماء فيكون لهذا ذنوب ولهذا ذنوب قال الراجز :


إنا إذا نازلنا غريب     له ذنوب ولنا ذنوب



وإن أبيتم فلنا القليب فلا يستعجلون أي لا يطلبوا مني أن أعجل في الإتيان به يقال استعجله أي حثه على العجلة وطلبها منه ، ويقال : استعجلت كذا إن طلبت وقوعه بالعجلة ، ومنه قوله تعالى : أتى أمر الله فلا تستعجلوه [النحل : 1] وهو على ما في الإرشاد جواب لقولهم : ( متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) [يونس : 48 ، الأنبياء : 38 ، النمل : 71 ، سبأ : 29 ، يس : 48 ، الملك : 25]

التالي السابق


الخدمات العلمية